وسلم! ولكن سمعنا بعضه وحدثنا أصحابنا ببعضه».
وأما التابعون : فقد كان من عادتهم إرسال الأخبار ، ويدل على ذلك ما روي عن الأعمش أنّه قال :
قلت لإبراهيم النخعيّ : إذا حدثتني فأسند (١). فقال :
إذا قلت لك : حدثني فلان عن عبد الله فهو الذي حدثني ، وإذا قلت : حدثني عبد الله ، فقد حدثني جماعة عنه ، وقد قال الآمدي بعد ذلك ، ولم يزل ذلك مشهورا فيما بين الصحابة والتابعين من غير نكير فكان إجماعا (٢) ا ه.
وكما كان الصحابة يروي بعضهم عن بعض فإنّهم كذلك كانوا يروون عن التابعين وهذا أمر نص عليه علماء الحديث في كتبهم فارجع إليه إن شئت.
وفي كلام ابن الصلاح وغيره في باب «رواية الأكابر عن الأصاغر» أن إبن عباس والعبادلة الثلاثة وأبا هريرة وغيرهم قد رووا عن كعب الأحبار اليهودي الذي أسلم خداعا في عهد عمر وعدّوه من كبار التابعين ثم سوّده بعد ذلك على المسلمين. وهاك ما قاله السيوطي في ألفيّته (٣) :
وقد روى الكبار عن صغار |
|
في السنّ أو في العلم والمقدار |
ومنه أخذ الصحب عن أتباع |
|
وتابع عن تابع الأتباع |
كالحبر عن كعب وكالزهري |
|
عن مالك ويحيى الأنصاري |
__________________
(١) الحديث المسند ما اتصل سنده إلى منتهاه ، وكان التابعون يتبعون في ذلك سبيل الصحابة فيما يروون من الأحاديث التي لم يسمعوها من النبي ، وإنما تلقوها من إخوانهم ، فإنهم كانوا لا يذكرون أسماء من تلقوا عنهم.
(٢) ص ١٧٨ ـ ١٨٠ ج ٢.
(٣) ص ٢٣٧.