وضلالهم ، فلم يسمعوا له قولا ، ولا رعوا له وللأبرياء حرمة. وكانت المعركة لغير صالحهم كما هو المعلوم من حالها ، واتّجه بعدهم معاوية لحربه في أهل الشام ، ومعه فريق ممّن يسمونهم الصحابة حسب التحديدات التي وضعوها للصحبة ، لتستقطب أولئك المأجورين ، الذين كانوا يسيرون في ركابهم ، ويتمرّغون على أعتابهم ، لقاء مبالغ من أموال الأمة ، وضعها ابن هند في تصرّفهم ، ليضعوا له الحديث في انتقاص عليّ وذويه (ع) ، وفضل الأمويين والسائرين في ركابهم ، وكانت مصانع أبي هريرة ، وكعب الأحبار ، وسمرة بن جندب ، وابن العاص ، وولده عبد الله تنتج لهم ما يشاؤون ، ويشتهون من مختلف الألوان ، ولعلّ أبا هريرة ، وابن جندب ، وكعب الأحبار كانوا من أبرز المقرّبين لمعاوية في صنع الحديث من بين من أسموهم بالصحابة.
وجاءت الطبقة الثانية وعلى رأسها عروة بن الزبير ، ومحمد بن شهاب الزهري ، وغيرهم من عشرات الرواة ، والمحدّثين الذين اعتمدوا مصانع الطبقة الأولى ، ومضوا على نفس الطريق الذي يخدم مصالح أصحاب القصور وأهدافهم ، متسترين بقداسة الصحابة وعدالتهم ، وبما أنتجته مصانع أبي هريرة ، وكعب الأحبار ، وسمرة بن جندب ، وابن العاص ، وولده عبد الله الّذي اشتملت مرويّاته عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو يوم وفاته لم يتجاوز سن الطفولة ، فيما اشتملت عليه ، صحيفة عرفت في أوساطهم بالصحيفة الصادقة ، كما ذكرنا.
وظلّت تلك الأحاديث إلى جانب المرويّات الصحيحة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من أشدّ الأسلحة فتكا بيد الحاكمين أعداء الإسلام الذين تستّروا به ، ليطعنوه من الداخل بتلك الأسلحة التي وفّرها لهم عدول الصحابة! وفي الوقت ذاته لإضفاء الشرعية على حكمهم الذي استمرّ قرابة قرن من الزمن.