فإذا ذكر القرآن عنهم في انكارهم لوحدانية الله قولهم : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (١).
وقولهم : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٢).
إذا ذكر القرآن عنهم وجها واحدا لاعتراضهم على وحدانية الله ، ذكر عنهم ألوانا من الجدل ، وصورا من الاحتجاج على استحالة البعث ، وذلك كما في قوله تعالى على لسانهم :
(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٣).
وقولهم : (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (٤).
وقولهم : (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٥).
إلى كثير من مئات الآيات التي تعرض أقوال المشركين في البعث ، وترد على هذه الأقوال ، وتنقضها ، وتسفه أحلام الذين يرددونها.
ولهذا لم يقبل الاسلام إيمان من لا يؤمن بالله ، ثم لا يؤمن باليوم الآخر ، ولا بلقاء الله ، ولا بالوقوف بين يديه ليحاسب عمّا عمل في الدنيا ، وليلقى جزاء ما عمل من خير أو شر.
وليس البعث لمجرد البعث ، وإنما هو للحساب والجزاء ، والجنة أو النار.
ما الحياة الدنيا في شريعة الاسلام إلّا معبر إلى الآخرة ، وإلّا امتحان للانسان ، يكشف فيه عن جوهره ، ويخرج الثمر الطيب أو الخبيث منه .. وهذا الثمر
__________________
(١) سورة ص : الآية ٥.
(٢) سورة الفرقان : الآية ٦٠.
(٣) سورة السجدة : الآية ١٠.
(٤) سورة المؤمنون : الآية ٨٢.
(٥) سورة سبأ : الآية ٧.