والعديدة ما يبهر العقول والأبصار.
ومع ذلك ، فأنّ الألطاف الالهية لا تنقطع عن الأنسان ، فهي رحمة دائمة توجه الانسان نحو الخير والهداية ، وهذا من أسمى علامات الحب والرحمة الالهية عليه كي تجعله يدرك الحقيقة والصلاح.
فالباري جلّ جلاله وعظمت أوصافه ، يخاطب الانسان في هذه الآية الكريمة وعقله ، بطريقة علمية وإعجازية مقنعة تذهب عنه الشك وتزيده من اليقين ، وتجعله يرى الحقيقة بأم عينيه ، فيقتنع بها بعد أن يكتشف بنفسه شيئا من القدرة والاتقان والاعجاز الالهي العظيم في كيفية خلق وتصوير الانسان.
ولا عجب في ذلك فالذي خلق الأنسان من تراب قادر على أن يعيد عظامه البالية إلى حالها ووضعها الأوّل ، بل وأكثر من ذلك له القدرة على إعادة البنان إليه بكل ما يحمله من دقة في التركيب والاختلاف ، فلو فحصت البصمات التي يحتويها البنان لما وجد اثنان متشابهان على وجه المعمورة ، وهذه الدقة المتناهية تمثل إحدى وجوه القدرة الالهية التي لا تحصى ولا تعد.
لقد ظل سر بصمات بنان الانسان مجهولا لا تعرف ماهيته فترة طويلة من الزمن ، حتى اكتشف العلماء المجاهر الحديثة التي وقفوا بواسطتها على أحد الأسرار الربانية التي أذهلت العلماء والباحثين ، وجعلتهم يزدادون إيمانا وخشوعا لعظمة الله وقدرته. وأصبح واضحا كوضوح الشمس أنّ لكل إنسان بصمته الخاصة التي تميزه عن الآخرين ، وتدل عليه بطريقة لا تقبل الغلط أو الاشتباه.
ولو سألنا العباقرة من الرسامين والعلماء أن يرسموا (وليس يصنعوا) مئات البصمات المختلفة لعجزوا عن ذلك. وهذا برهان عملي على أنّ مليارات المليارات من البصمات المختلفة التي لا تشبه بعضها بعضا هي من صنع إله قادر متمكن عظيم إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.
وهنا نصل إلى نتيجة يقبلها العقل والعلم ، وهي أنّ الذي صنع تلك المليارات