النسائي في سننه بسنده عن أبي هريرة قال : خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم النّاس فقال : «إنّ الله عزوجل قد فرض عليكم الحجّ» فقال رجل : في كلّ عام؟ فسكت عنه حتّى أعاده ثلاثا! فقال : «لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها. ذروني ما تركتكم فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بالشّيء فخذوا به ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (١).
وروي أيضا في مسند زيد بن علي عن أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام أنّه قال : «قال رجل : يا رسول الله! فالعمرة واجبة مثل الحجّ؟ قال لا ، ولكن إن اعتمرت خيرا لك» (٢).
أقول : فإن قيل فإن الله تعالى يقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ..) الآية (البقرة : ١٩٦) ، فأمر الله عزوجل بالعمرة وأمر الله يدلّ على الوجوب! قلت : إنما أمر سبحانه بالإتمام ولم يأمر بالابتداء والإنشاء ، كما في قول الله عزوجل : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ..) الآية (الإنسان : ٧) حيث أوجب سبحانه الإيفاء ولم يوجب إنشاء النّذر.
__________________
(١) سنن النسائي ، كتاب مناسك الحج ، باب وجوب الحجّ ، ج ٣ ، ص ١١٠ ـ ١١١.
(٢) مسند الإمام زيد ، ص ٢٢٣.