.................................................................................................
______________________________________________________
المسامحة ـ كما أشار إليه المصنّف رحمهالله ـ اندفع الإيرادان معا كما هو واضح.
وأمّا الثالثة ، أعني : الأدلّة الاجتهاديّة ، فهي الأمارات التي تكشف عن الواقع ولو ظنّا ، مثل ظواهر الكتاب والسنّة.
وأمّا الرابعة ، فهي ما كان مثبتا للأحكام الظاهريّة ، مثل الاصول العمليّة. وقد حكيت تسميته هذا القسم بالدليل الفقهائي عن الفاضل الصالح المازندراني في شرح الزبدة. وهذا أولى ممّا نقله المصنّف رحمهالله عن التوحيد البهبهاني من تسميته بالدليل الفقاهتي ، لأنّ القياس حذف التاء مع لحوق ياء النسبة.
وكيف كان ، وقد شاع هذا الاصطلاح في زمان الوحيد البهبهاني وبعده. ولعلّ هذا هو وجه نسبة التسمية إليه دون الفاضل المازندراني. ووجه تسميته بالفقاهتي وسابقه بالاجتهادي : أنّ الاجتهاد ـ على ما عرّفوه ـ هو استفراغ الوسع لتحصيل الظنّ بالأحكام الفرعيّة. والفقه هو العلم بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة. فالفقه بناء على كون المراد بالأحكام أعمّ من الواقعيّة والظاهريّة هو العلم والجزم بما ذكر في الحدّ. فالفقيه من حيث بذل جهده لتحصيل الظنّ بالأحكام مجتهد ، ومن حيث علمه بها ـ لأجل مقدّمة أثبتها بدليل خارج ، وهو الإجماع على أنّ ما ظنّه هو حكم الله في حقّه وحقّ مقلّده ـ فقيه ، فاختلافهما إنّما هو بالاعتبار وملاحظة الحيثيّة ، كاختلاف القاضي مع المفتي. ومن هنا كان الأنسب تسمية ما يستعمله الفقيه لتحصيل الظنّ بالأحكام الواقعيّة بالدليل الاجتهادي ، وتسمية ما يستعمله لتحصيل العلم بها بالدليل الفقاهتي. ولا ريب أنّ مؤدّيات الاصول العمليّة هو العلم بالأحكام الظاهريّة لا الظنّ بالأحكام الواقعيّة ، لأنّ ذلك مؤدّى الأمارات المسمّاة بالأدلّة الاجتهاديّة على ما عرفت.
ثمّ إنّه قد يتسامح في إطلاق الدليل الفقاهتي على كلّ أمارة لا تفيد العلم بالواقع ، فيندرج فيه حينئذ ظواهر الكتاب والسنّة أيضا. ووجه التسامح واضح ، لأنّ الدليل الفقاهتي ما كان مثبتا لحكم ظاهري ، وهو ما جعله الشارع للجاهل