لكونه مقابلا للحكم الواقعي المشكوك بالفرض. ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضا ؛ لأنّه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها ، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه ؛ لأنّ موضوع هذا الحكم الظاهري وهي الواقعة المشكوك في حكمها لا يتحقّق إلّا بعد تصوّر حكم نفس الواقعة والشكّ فيه ، مثلا شرب التتن في نفسه له حكم فرضنا فيما نحن فيه شكّ المكلّف فيه ، فإذا فرضنا ورود حكم شرعيّ لهذا الفعل المشكوك الحكم ، كان هذا الحكم الوارد متأخّرا طبعا عن ذلك المشكوك ، فذلك الحكم واقعي بقول مطلق ، وهذا الوارد ظاهري ؛ لكونه المعمول به في الظاهر ، وواقعي ثانوي ؛ لأنّه متأخّر عن ذلك الحكم ؛ لتأخّر موضوعه عنه. ويسمّى الدليل الدالّ على هذا الحكم الظاهري «أصلا».
وأمّا ما دلّ على الحكم الأوّل علما أو ظنّا معتبرا فيختصّ باسم «الدليل» ، وقد يقيّد ب «الاجتهادي» ، كما أنّ الأوّل قد يسمّى ب «الدليل» مقيّدا ب «الفقاهتي». وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهاني لمناسبة مذكورة في تعريف الفقه والاجتهاد. (١) ثمّ إنّ الظنّ الغير المعتبر حكمه حكم الشكّ كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا من تأخّر مرتبة الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي لأجل تقييد
______________________________________________________
من حيث كونه جاهلا ، ولا ريب أنّ مؤدّيات ظواهر الكتاب والسنّة ليست كذلك وإن كانت مجعولة في حال جهل المكلّف بالواقع ، ولذا لا يعتدّ بها مع العلم بالواقع. وبعبارة اخرى : أنّ الجهل مأخوذ في الأحكام الظاهريّة من حيث كونه جزءا من موضوعها ، وفي مؤدّيات ظواهر الكتاب والسنّة من حيث الظرفية وكونها مجعولة في هذا الحال خاصّة ، ولكن مع قطع النظر عنه. ولعلّ هذا هو السبب في هذا التسامح ، لكون مؤدّيات الظواهر شبيهة بمؤديات الاصول فيما ذكرناه ، وإن فارقتها من جهة اخرى كما أوضحناه. ويمكن أن يكون السبب فيه هو كون اعتبار مؤدّيات الظواهر من حيث كونها مظنونة. كما أوضحه المصنّف رحمهالله بقوله : «حكما ظاهريّا نظير مفاد الأصل ...». والفرق بينه وبين ما ذكرناه واضح.