وحينئذ : فخيريّة الوقوف عند الشبهة من الاقتحام في الهلكة أعمّ من الرجحان المانع من النقيض ومن غير المانع منه ، فهي قضيّة تستعمل في المقامين ، وقد استعملها الأئمّة عليهمالسلام كذلك.
فمن موارد استعمالها في مقام لزوم التوقّف : مقبولة عمر بن حنظلة التي جعلت هذه القضيّة فيها علّة لوجوب التوقّف في الخبرين المتعارضين عند فقد المرجّح ، وصحيحة جميل المتقدّمة التي جعلت القضيّة فيها تمهيدا لوجوب طرح ما خالف كتاب الله.
ومن موارد استعمالها في غير اللازم : رواية الزهريّ المتقدّمة التي جعل القضيّة فيها تمهيدا لترك رواية الخبر الغير المعلوم صدوره أو دلالته ؛ فإنّ من المعلوم رجحان ذلك لا لزومه ، وموثّقة سعد بن زياد المتقدّمة التي فيها قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : «لا تجامعوا في النكاح على الشبهة وقفوا عند الشبهة» ؛ فإنّ مولانا الصادق عليهالسلام فسّره في تلك الموثّقة بقوله عليهالسلام : «إذا بلغك أنّك قد رضعت من لبنها أو أنّها لك محرم وما أشبه ذلك ، فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ...» (٢٠) ، ومن المعلوم أنّ الاحتراز عن نكاح ما في الرواية من النسوة المشتبهة غير لازم باتّفاق الأخباريّين ؛ لكونها شبهة موضوعيّة ولأصالة عدم تحقّق مانع النكاح.
وقد يجاب عن أخبار التوقّف بوجوه غير خالية عن النظر (١٢٠٦):
______________________________________________________
لأنّا نقول : يلزم على الأوّل تخصيص الأكثر ، إذ لا بدّ حينئذ من إخراج الشبهات الوجوبيّة مطلقا والتحريميّة الموضوعيّة ، ولا ريب في كون الشبهات الموضوعيّة أكثر من سائر الشبهات ، لكون أكثر الأشياء من المأكولات والمشروبات والملبوسات ونحوها مشتبهة بحسب الواقع. وقد تقدّم عند شرح ما يتعلّق بالجواب عن الآيات المستدلّ بها للمقام ما ينفعك هنا.
١٢٠٦. الأجوبة المذكورة في كلمات العلماء ترتقي إلى أربعة عشر جوابا ، جوابان للمصنّف ، لأنّ ما ذكره يرجع إلى جوابين :
أحدهما : أنّ شطرا من الأخبار تدلّ على ترتّب الهلكة الاخرويّة ـ أعني :