الاحتياط في مورد الرواية وأمثاله ممّا ثبت التكليف فيه في الجملة لأجل هذه الصحيحة وغيرها ، لم يكن ما نحن فيه من الشبهة مماثلا له ؛ لعدم ثبوت التكليف فيه رأسا.
وإن جعلنا المورد من قبيل الشكّ في متعلّق التكليف وهو المكلّف به ـ لكون الأقلّ على تقدير وجوب الأكثر غير واجب بالاستقلال ، نظير وجوب التسليم في الصلاة ـ فالاحتياط هنا وإن كان مذهب جماعة من المجتهدين أيضا ، إلّا أنّ ما نحن فيه من الشبهة الحكميّة التحريميّة ليس مثلا لمورد الرواية ؛ لأنّ الشكّ فيه في أصل التكليف. هذا ، مع أنّ ظاهر الرواية التمكّن من استعلام حكم الواقعة بالسؤال والتعلّم فيما بعد ، ولا مضايقة عن القول بوجوب الاحتياط في هذه الواقعة الشخصيّة حتّى يتعلّم المسألة لما يستقبل من الوقائع.
ومنه يظهر أنّه إن كان المشار إليه ب «هذا» هو السؤال عن حكم الواقعة ، كما هو الثاني من شقّي الترديد : فإن اريد بالاحتياط فيه الإفتاء بالاحتياط لم ينفع فيما نحن فيه ، وإن اريد من الاحتياط الاحتراز عن الفتوى فيها أصلا حتّى بالاحتياط
______________________________________________________
علم الرجلين إجمالا بوجوب الجزاء عليهما في الجملة ، إمّا جزاء واحد على كلّ واحد منهما ، وإمّا عليهما معا. وحاصله : تردّد الواجب عندهما بين الأقلّ والأكثر.
وعليه ، إمّا أن تكون الشبهة في وجوب الجزاء المردّد بين الأقلّ والأكثر استقلاليّة ، بأن كان الإتيان بالأقلّ مجزيا بمقداره على تقدير وجوب الأكثر ، كما مثّل به من مثال أداء الدين وقضاء الفوائت ، فهي خارجة ممّا نحن فيه ، لكون الشبهة حينئذ وجوبيّة بدويّة ، لأنّ مرجع الشبهة في الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين إلى علم تفصيلي بالأقلّ ، وهو فيما نحن فيه نصف الجزاء على كلّ واحد منهما ، وشكّ بدويّ في الزّائد عليه ، وهو النصف الآخر ، والشبهة الوجوبيّة البدويّة مورد لأصالة البراءة باتّفاق من الأخباريّين.
نعم ، قد يظهر من جماعة ـ منهم صاحب الرياض في كتاب الزكاة ـ الميل