أوجب طرح الشاذّ معلّلا بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، والمراد أنّ الشاذّ فيه ريب ، لا أنّ الشهرة تجعل الشاذّ ممّا لا ريب في بطلانه ؛ وإلّا لم يكن معنى لتأخير الترجيح بالشهرة عن الترجيح بالأعدليّة والأصدقيّة والأورعيّة ، ولا لفرض الراوي الشهرة في كلا الخبرين ، ولا لتثليث الامور ثمّ الاستشهاد بتثليث النبيّ صلىاللهعليهوآله. والحاصل : أنّ الناظر في الرواية يقطع بأنّ الشاذّ ممّا فيه الريب فيجب طرحه ، وهو الأمر المشكل الذي أوجب الإمام ردّه إلى الله ورسوله.
فيعلم من ذلك كلّه : أنّ الاستشهاد بقول رسول الله صلىاللهعليهوآله في التثليث لا يستقيم إلّا مع وجوب الاحتياط والاجتناب عن الشبهات ، مضافا إلى دلالة قوله : «نجا من المحرّمات» ، بناء على أنّ تخليص (*) النفس من المحرّمات واجب ، وقوله صلىاللهعليهوآله : «وقع في المحرّمات ، وهلك من حيث لا يعلم».
______________________________________________________
المقابلة أن يكون الشاذّ النادر من باب بيّن الغيّ لا من الامور المشكلة والمشتبهة.
ثمّ قال : «والتحقيق أنّ مراده عليهالسلام أنّ الحكم المستفاد من الرواية التي يشهد بجواز العمل بها المرجّح المعتبر ـ كالمرجّحات المذكورة في الرواية ـ من باب بيّن الرّشد ولو بحسب الظاهر ، وأنّ العمل بها كذلك. وأنّ الحكم المستفاد من الرواية الفاقدة له مع معارضتها لما اشتمل عليه من باب بيّن الغيّ ولو بحسب الظاهر ، وأنّ العمل بها كذلك.
وأنّ المستفاد من رواية لا علم للعامل بها بأنّها من أيّ النوعين ـ بجهله بحكم المرجّح ـ من المشكلات التي يجب الردّ فيها إلى الشارع ، وأنّ العمل بها كذلك. وعلى هذا ، فالظاهر من الحلال البيّن والحرام البيّن ما تبيّن جواز العمل به وعدم جوازه ، وبالشبهات ما لم يتبيّن فيه شيء منهما. وحينئذ فلا كلام في وجوب التجنّب عن الشبهات بهذا المعنى» انتهى وهو جيّد.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «تخليص» ، تخلّص.