.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الحمل على إرادة معنى الجنس ، وقد تقدّم أنّ المراد بارتكاب الحرام حينئذ إمّا هو الارتكاب الفعلي ، أو على وجه المشارفة. وعلى التقديرين : فالمراد بالحرام إمّا الحرام المعلوم الحرمة ، أو الحرام الواقعي المجهول. فأمّا على تقدير إرادة الارتكاب الفعلي مع إرادة الحرام المعلوم الحرمة ، فيرد عليه : منع استلزام ارتكاب جنس الشبهة لارتكاب الحرام المعلوم الحرمة ، مثل شرب الخمر وأكل الربا. وكذا مع إرادة الحرام الواقعي المجهول أيضا. وأمّا على تقدير إرادة الارتكاب على وجه المشارفة مع إرادة الحرام المعلوم الحرمة ، فالظاهر أنّ هذا هو المقصود من الرواية. وحاصله : بيان أنّ ارتكاب الشبهات يوجب الاجتراء على ارتكاب المحرّمات المعلومة ، ويكون المكلّف معه في شرف ارتكابها.
فإن قلت : إنّ هذا المعنى لا يناسبه قوله صلىاللهعليهوآله : «وهلك من حيث لا يعلم» لأنّه مع حمل الارتكاب في النبويّ على إرادة الارتكاب على وجه المشارفة لا بدّ أن يراد بالوقوع في الهلاكة أيضا وقوعه فيها كذلك ، وحينئذ يكون الوقوع فيها عن علم لا من حيث لا يعلم.
قلت : إنّ المكلّف عند ارتكاب الشبهة ربّما يعقد قلبه على الاجتناب عن المحرّمات المعلومة ، إلّا أنّ ارتكابها من حيث كونه سببا للاجتراء ربّما يؤدّي إلى الوقوع فيها فيما بعد ذلك ، وإن لم يخطر ذلك بباله أو عقد قلبه على خلافه حين الارتكاب ، فيصدق حينئذ كون الوقوع في الهلاكة عن جهل لا عن علم وقصد ، فتدبّر.
وبالجملة ، إنّ ما ذكرناه هو الظاهر من الرواية ، وتؤيّده الأخبار التي نقلها المصنّف رحمهالله. وحينئذ يبقى الكلام مع الأخباريّين في أنّ ارتكاب الشبهة إذا أدّى إلى ارتكاب الحرام أحيانا من جهة إيراثه الاجتراء أو قساوة القلب أو غير ذلك ، فهل يوجب ذلك حرمته أو لا؟ وأنّى لهم بإثباته ، لأنّ غايته إثبات استحباب الاحتياط لا وجوبه ، نظير كراهة بيع الأكفان لخوف حبّ موت الناس ، وكراهة بيع الصرف