.................................................................................................
______________________________________________________
بكونه من المجازات المشهورة ، مع أنّ المقصود في المقام حمل أوامر الاحتياط على الإرشاد المطلق الشامل للإلزامي منه وغيره ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله عند الجواب عن كلّ من أوامر التوقّف والاحتياط ، ولا ريب في كون الأمر مجازا فيه ، فحمله عليه حمل له على معنى مرجوح بمرتبتين. ولذا تردّد المصنّف رحمهالله في حمله عليه مع شهادة سياق جلّ الأخبار به.
وعلى كلّ تقدير ، ربّما يقال بكون جميع الأوامر العقليّة للإرشاد ، وإراءة مصلحة المكلّف في الفعل ، لما أدركه من الحسن فيه. بل ربّما يظهر من سلطان العلماء كون جميع الأوامر الشرعيّة للإرشاد إلى المصالح والمفاسد الكامنة التي هي منشأ الأحكام الشرعيّة. قال : أوامر الشارع على المكلّفين ليس على قياس أوامر الملوك والحكّام الذين غرضهم نفس حصول الفعل ودخوله في الوجود لمصلحة لهم في وجوده ، حتّى إذا فات وامتنع حصوله كان طلبه سفها وعبثا ، بل أوامر الشارع من قبيل أوامر الطبيب للمريض إنّ اللائق بحاله كذا إن فعل كذا كان أثره كذا ، وإن فعل بخلافه كان أثره بخلافه ، إلى آخر ما ذكره. ولازمه كون ثبوت العقاب على مخالفة أوامر الشارع من جهة الشرع لا من جهة كونه من لوازم المخالفة ، وهو ضعيف.
لا يقال : كيف تدّعي كون الأوامر العقليّة للإرشاد ، إذ لو كانت كذلك لزم عدم ترتّب عقاب على مخالفتها ، لأنّ حكم العقل وإن كشف عن حكم الشرع ، إلّا أنّ المنكشف تابع للكاشف ، فإذا كان الأوّل للإرشاد كان الثاني أيضا كذلك ، فلا يترتّب على موافقتها ولا على مخالفتها ثواب ولا عقاب.
لأنّا نقول : إنّا نمنع التبعيّة من جميع الجهات ، لأنّ الملازمة بينهما إنّما هي من جهة أنّ العقل إذا أدرك حسن فعل وحكم من جهته بلزوم الإتيان به ، فالشرع أيضا لا بدّ أن يحكم بلزوم الإتيان به ، لأنّ الله لا يأمر إلّا بالحسن ، كما في وصيّة عليّ عليهالسلام لابنه الحسن عليهالسلام. وأمّا كون حكم الشارع أيضا على وجه الإرشاد فلا دليل عليه.