.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة ، إنّ عدم بحثهم عن أصالة الطهارة في الاصول إنّما هو من جهة عدم كونها من الأدلّة ، لكونها عندهم من القواعد الشرعيّة ، بخلاف الاصول الأربعة ، ولذا جعلوها من الأدلّة العقليّة. والفرق بين الدليل والقاعدة واضح ، ولذا جعلوا كلّ واحد منهما معنى مستقلا للأصل.
ثمّ إنّ هنا أمرين لم يتعرّض لهما المصنّف رحمهالله ينبغي التنبيه عليهما.
الأمر الأوّل : إنّ هنا إشكالين يجري أحدهما في جميع الأدلّة العقليّة ، ويختصّ الآخر بالاصول الأربعة.
أمّا الأوّل فهو أنّهم قد عرّفوا علم الاصول بأنّه ما يبحث فيه عن أحوال الأدلّة ، ولا ريب أنّ البحث في الأدلّة العقليّة ليس عن أحوال الدليل ، لأنّ بحثهم فيها ـ كما قرّر في محلّ آخر ـ إنّما هو عن حكم العقل لا عن أحواله من حيث كونه حجّة وعدمها ، لأنّهم قد بحثوا في مسألة البراءة والاستصحاب ، وكذا في مسألة الحسن والقبح ، عن أنّ العقل هل يحكم بالبراءة عن التكليف عند فقد الدليل على الحكم المشكوك فيه ، وأنّه يحكم ببقاء الحالة السابقة عند الشكّ في بقائها ، وأنّه يحكم بحسن فعل أو قبحه أو لا؟ لا عن اعتباره بعد فرض حكمه ، لكون اعتبار حكم العقل مسلّما عندهم بعد فرض وجوده ، والبحث عن أحوال الدليل العقلي إنّما يصدق بعد فرض حكمه.
وبالجملة ، إنّ البحث في الأدلّة العقليّة صغروي ، والبحث عن حجيّتها بعد إحراز الصغرى كبروي ، والأدلّة العقليّة إنّما تدخل في موضوع علم الاصول بالاعتبار الثاني [لا](*) الأوّل ، فيجب إخراجها عن موضوع هذا العلم. ومع تسليم كون البحث فيها عن حجيّتها فلا ريب أنّ البحث من هذه الحيثيّة داخل في المبادئ ، لأنّ موضوع علم الاصول هي الأدلّة الأربعة ، والبحث عن الحجيّة بحث عن دليليّة الدليل ، وهو بحث عن موضوع الدليل ، لا عن أحواله ليدخل في
__________________
(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أضفناه ليستقيم المعنى.