.................................................................................................
______________________________________________________
المقاصد.
والجواب : أنّ البحث عن إدراك العقل من حيث هو وإن كان داخلا في المبادئ ، إلّا أنّ الملحوظ في ذلك هو إثبات حكم العقل وإدراكه لتخصّص وتقيّد به عمومات الكتاب والسنّة وإطلاقاتهما عند المعارضة ، فمرجع البحث من هذه الجهة إلى البحث عن أحوال الكتاب والسنّة من حيث جواز تخصيصهما وتقييدهما بالعقل. ومن هنا تظهر الحال فيما كان البحث عنه من حيث حجيّته بعد الفراغ عن حكم العقل. مضافا إلى ما ذكره بعض الأفاضل من كون موضوع علم الاصول هي ذات الأدلّة لا هي بوصف الدليليّة ، وحينئذ يكون البحث عن حجيّتها بحثا عن أحوالها ، فيدخل في المقاصد.
وأمّا الثاني فهو أنّهم قد عرّفوا الدليل العقلي بأنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ. وهذا غير صادق على الاصول ، لعدم التوصّل بها إلى حكم شرعيّ ، فلا وجه لعدّها من الأدلّة العقليّة. أمّا أصالة البراءة فلأنّ غاية ما يدلّ عليه العقل عند عدم الدليل على الحكم المحتمل هو الإتيان بالفعل المحتمل للحرمة وترك ما يحتمل الوجوب ، وأمّا دلالته على عدمها فلا سبيل للعقل إليها ، مع أنّ عدمهما ليس من الأحكام الخمسة.
فإن قلت : ربّما يدور الأمر بين الضدّين ، كالوجوب والاستحباب في غسل الجمعة ، حيث قال بكلّ منهما بعضهم ، ولا ريب أنّ نفي الوجوب بأصالة البراءة يثبت الاستحباب.
قلت : إنّ الأقوال ربّما تتكثّر في المسألة ، فنفي أحدها بالأصل لا يعيّن خصوص أحدها ممّا بقي محتملا في المسألة. مع أنّ إثبات الاستحباب بنفي الوجوب إنّما يتمّ على القول بالاصول التي لا نقول بها. وأمّا قاعدة الانتقال فلأنّ وجوب الاحتياط فيما علم التكليف فيه ، وشكّ في المكلّف به ، إنّما هو من أجل كونه من شعب وجوب دفع الضرر المظنون أو المحتمل ، فإنّ حكم العقل بوجوب