أصالة الحلّ ، وإن شكّ فيه من جهة الشكّ في قبوله للتذكية فالحكم الحرمة ؛ لأصالة عدم التذكية ؛ لأنّ من شرائطها قابليّة المحلّ وهي مشكوكة ، فيحكم بعدمها وكون الحيوان ميتة.
______________________________________________________
بعبارة اخرى : أنّ موضوع المستصحب في الحالة السابقة هي الميتة ، وفي زمان إثبات الحكم هو المذكّى ، والعلم ببقاء الموضوع شرط في جريان الاستصحاب ، فهو لا يجري مع الشكّ فيه فضلا عن العلم بتغيّره.
وثانيا : أنّه مع استصحاب الطهارة لا بدّ من الحكم بالحلّية أيضا ، لأنّها لا تثبت إلّا بعد قابليّة المحل للتذكية ، وحينئذ لا بدّ من الحكم بحلّيته أيضا ، لعموم ما دلّ على حلّية المذكّى إلّا ما أخرجه الدليل كالسباع ، لأنّها مع حرمتها قابلة للتذكية.
وثالثها : ما نقله المصنّف رحمهالله عن شارح الروضة ـ يعني : الفاضل الهندي في المناهج السوية ـ من كون النجاسات معنونة ومحصورة في الشرع في عشرة أصناف أو أزيد ، وكذا المحلّل من الحيوانات مثل الأنعام الثلاثة وغيرها ، ولا ريب أنّ مقتضى الحصر كون ما يخالفه على مقتضى الأصل ، فيكون مشكوك الطهارة والحلّية محكوما عليه بهما.
ويرد عليه : أنّ ما ذكره من الحصر متّجه بالنسبة إلى النجاسات ، وأمّا بالنسبة إلى المحلّل من الحيوانات فيمكن منع الحصر ، لأنّ غاية الأمر أنّ بعض الحيوانات لمّا كان محلّ ابتلاء للناس سألوا الأئمّة عليهمالسلام عنها ، فأجابوهم بالحلّية في بعض والحرمة في بعض آخر. وأمّا دعوى الحصر فلا شاهد لها ، بل تمكن دعوى الحصر في المحرّم منها ، لأنّ المحرّم من غير أصناف الطيور ثلاثة أصناف : الحشرات والمسوخ والخبائث ، ومن الطيور أربعة أصناف : ما كان صفيفه أكثر من دفيفه ، وما لا قانصة له ، وما لا حوصلة له ، وما لا صيصية له. فمقتضى الحصر هو الحكم بحلّية المشكوك فيه. وأمّا تعليق الحلّية في الآية الشريفة بالطيّبات فيظهر تقرير السؤال والجواب عنه ممّا ذكره المصنّف قدسسره.