الله» ، مع أنّه يمكن فرض كون الحيوان ممّا ثبت كونه طيّبا بل الطيّب ما لا يستقذر (١٢٦٦) ، فهو أمر عدميّ يمكن إحرازه بالأصل عند الشكّ ، فتدبّر.
السادس : حكي عن بعض الأخباريّين (١٢٦٧) كلام لا يخلو إيراده عن فائدة وهو أنّه هل يجوّز أحد أن يقف عبد من عباد الله تعالى ، فيقال له : بما كنت تعمل في الأحكام الشرعيّة؟ فيقول : كنت أعمل بقول المعصوم وأقتفي أثره وما يثبت من
______________________________________________________
١٢٦٦. يعني : أنّ الحكم بتعارض الأصلين إنّما يتمّ فيما لو كان عنوان كلّ من الطيّب والخبيث أمرا وجوديّا ، وليس كذلك ، إذ الظاهر أنّ الطيب عبارة عن عدم الخباثة ، كما يشهد به معناها اللغوي ، وهو عدم الاستقذار ، فتعليق الحلّ عليه إنّما هو من هذه الجهة لا من جهة كونها أمرا وجوديّا حتّى يكون عدمها موردا للأصل. وبالجملة إنّ موضوع الحرمة والحلّ هي الخباثة وعدمها ، فمع الشكّ في اتّصاف شيء بأحدهما يمكن إثبات عدمها بالأصل ، فيثبت به إباحته من دون معارضة شيء.
ولكنّك خبير بأنّه إن اريد باستصحاب عدم الخباثة استصحاب عدم خباثة الحيوان المشكوك الحلّ ، ففيه : أنّه لم يثبت عدم خباثته في زمان حتّى يستصحب. وإن اريد به استصحاب عدم الخباثة المطلقة المستلزم لعدم خباثة هذا الحيوان أيضا ، فهو إنّما يتمّ على القول بالاصول المثبتة ، لأنّ استصحاب الكلّي وتطبيقه على بعض أفراده الخارجة لا يتمّ إلّا بذلك. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ ذلك إنّما يتمّ إذا قلنا باعتبار الاستصحاب من باب الأخبار ، وأمّا الاصول العدميّة فهي ثابتة ببناء العقلاء ، فتأمّل.
١٢٦٧. قيل : هو السيّد نعمة الله الجزائري. وقد اشتبه عليه محل النزاع في مسألة البراءة والاحتياط ، لأنّ ما طعن به على السلف من علمائنا الاصوليّين إنّما يناسب المقام لو كانوا قائلين بحرمة الاحتياط عند الشبهة ، ولا يلتزم به ذو مسكة ، إذ لا ريب في رجحانه وكونه سبيل النجاة. فخلافهم إنّما هو في جواز