النهي (١٢٨٢) عن الخمر يوجب حرمة الأفراد المعلومة تفصيلا والمعلومة إجمالا المتردّدة بين محصورين ، والأوّل لا يحتاج إلى مقدّمة علميّة ، والثاني يتوقّف على الاجتناب من أطراف الشبهة لا غير ، وأمّا ما احتمل كونه خمرا من دون علم إجمالي فلم يعلم من النهي تحريمه ، وليس مقدّمة للعلم باجتناب فرد محرّم يحسن العقاب عليه.
فلا فرق بعد فرض عدم العلم بحرمته ولا بتحريم خمر يتوقّف العلم باجتنابه على اجتنابه بين هذا الفرد المشتبه وبين الموضوع الكلّي المشتبه حكمه كشرب التتن في قبح العقاب عليه.
وما ذكر من التوهّم جار فيه أيضا ؛ لأنّ العمومات الدالّة على حرمة الخبائث والفواحش و (ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٣) تدلّ على حرمة امور واقعيّة يحتمل كون
______________________________________________________
١٢٨٢. حاصل الدفع : أنّ المناط في حكم العقل بأصالة البراءة هو قبح تنجّز التكليف في الواقع مع جهل المكلّف ، إمّا بنفس التكليف ومتعلّقاته كما في الشبهات الحكميّة ، أو مصاديقه الخارجة كما في الشبهات الموضوعيّة. والتعبير بقبح التكليف بلا بيان في الشبهات الحكميّة إنّما هو لأجل كون القبح فيها ناشئا من عدم البيان ، لا أنّ مجرّد البيان يصحّح التكليف ويرفع قبحه مطلقا ، حتّى يقال بعدم جريان دليل البراءة في المقام لأجل وصول البيان فيه. وبيان المصاديق الخارجة وإن لم يكن من وظيفة الشارع ، إلّا أنّ مجرّد ذلك كما عرفت لا يصحّح التكليف بالمجهول ـ بمعنى تنجّزه ـ مع اشتباه مصاديقه الخارجة ، لأنّ المحرّك للعقل إلى الاجتناب عن الموضوع المشتبه إمّا هو العلم التفصيلي باندراجه تحت المكلّف به ، أو كونه مقدّمة علميّة لما علم بتعلّق التكليف به إجمالا ، وشيء منهما غير متحقّق في المقام.
ولك أن تقول : يكون ما نحن فيه أيضا من موارد قبح التكليف بلا بيان ، لأنّ تشخيص أنّ هذا المائع خمر أو خلّ وإن لم يكن من وظيفة الشارع ، إلّا أنّ