الهلاك (١٢٨٦) ، وقد صرّح الفقهاء في باب المسافر بأنّ سلوك الطريق الذي يظنّ معه العطب معصية دون مطلق ما يحتمل فيه ذلك. وكذا في باب التيمّم والإفطار لم يرخّصوا إلّا مع ظنّ الضرر الموجب لحرمة العبادة دون الشكّ.
نعم ، ذكر قليل من متأخّري المتأخّرين انسحاب حكم الإفطار والتيمّم مع الشكّ ايضا ، لكن لا من جهة حرمة ارتكاب مشكوك الضرر بل لدعوى تعلّق (١٢٨٧) الحكم في الأدلّة بخوف الضرر الصادق مع الشكّ ، بل مع بعض أفراد الوهم أيضا. لكنّ الإنصاف إلزام العقل بدفع الضرر المشكوك فيه (١٢٨٨) كالحكم بدفع الضرر المتيقّن ، كما يعلم بالوجدان عند وجود مائع محتمل السمّية إذا فرض تساوي الاحتمالين من جميع الوجوه.
______________________________________________________
١٢٨٦. لعلّ الوجه فيه هو فهم العلماء لما قيل ـ كما هو ظاهر المصنّف رحمهالله هنا أيضا ـ من استقرار بنائهم على عدم وجوب دفع الضرر المحتمل ، وإلّا فتعليق الحكم بالهلكة الواقعيّة يقتضي وجوب الاجتناب عن الهلكة المحتملة أيضا.
١٢٨٧. الفرق بين تعلّق الحكم بالضرر المحتمل أو المشكوك وبخوفه واضح ، لأنّ نسبة خوف الضرر بالنسبة إلى احتماله أعمّ من وجه وأخصّ من وجه آخر ، لصدقه مع الظنّ بالضرر والشكّ فيه أيضا ، وعدم صدقه مع احتماله في بعض الموارد. وأمّا بالنسبة إلى الشكّ فيه فهو أعمّ منه مطلقا ، كما هو واضح.
وحاصل : ما ذكره هو عدم ظهور قول بوجوب دفع الضرر المحتمل أو المشكوك من حيث كونه محتملا أو مشكوكا فيه ، فلا تدلّ الآية على وجوب دفع الضرر المحتمل أو المشكوك على قول القليل من المتأخّرين أيضا. فمع احتمال الضرر الذي يصدق معه الخوف ، فمقتضى الاحتياط في باب التيمّم والإفطار هو الجمع بين التيمّم والوضوء ، وكذا بين الصوم في الوقت والقضاء في خارجه ، بناء على التردّد في كون موضوع الحكم هو الضرر غير الصادق إلّا مع الظنّ به ، أو خوفه الذي يصدق مع احتماله على وجه يعتني به العقلاء.
١٢٨٨. المراد بالضرر المشكوك فيه ما كان معتنى به عند العقلاء على تقدير