.................................................................................................
______________________________________________________
ملكا لغيره ، كالشرب والأكل ونحوهما ممّا لا يتوقّف على إثبات كونه ملكا له ، فأصالة عدم تملّك الغير له تكفي في إثبات جواز التصرّف بهذا النحو من التصرّفات. وحينئذ لا بدّ من ملاحظة الأدلّة ، وكون هذه التصرّفات فيها محمولة على مجرّد عدم كون المتصرّف فيه ملكا لغيره ، أو على كونه ملكا له. ومقتضى الاستقراء ـ كما ادّعاه المصنّف رحمهالله ـ وقوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال إلّا من حيث أحلّه الله» هو الثاني ، لأنّ ظاهره عدم جواز التصرّف إلّا بسبب شرعيّ. نعم ، هو بظاهره لا يشمل الوجه الثاني ، لأنّ ظاهره هو عدم الحلّ إلّا بعد إحراز الماليّة ، والفرض هناك عدمه ، لفرض دورانه بين كونه من المباحات أو من الأموال ، فهو قبل إثبات يده عليه لم يعلم كونه مالا لأحد وإن كان قابلا لذلك ، لأنّ الماليّة من الامور الإضافيّة التي لا تتحقّق بدون المالك.
ورابعها : أن يجد شيئا في دار الحرب ، وشكّ في كونه مالا لمسلم أو كافر حربيّ الذي ماله فيء للمسلمين. وأصالة البراءة بضميمة أصالة عدم كونه مالا لمسلم تقتضي جواز التصرف فيه بأنحائه. ولا تعارضها أصالة عدم كونه ملكا للكافر أيضا ، لأنّ حرمة التصرّف في مال الغير وعدمها مرتّبتان بمقتضى قوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفسه» على كونه مالا لمسلم وعدمه ، فلا يحتاج إثبات جواز التصرّف على إثبات كونه مالا للكافر حتّى تتّجه المعارضة المذكورة. وقد تقرّر في محلّه عدم الاعتداد بالعلم الإجمالي إذا لم يترتّب على أحد الاستصحابين أثر شرعيّ. وممّن صرّح بجريان أصالة البراءة في المقام هو الشهيد الثاني في مسالكه.
هذا إن وجد المال في دار الحرب. وإن وجده في دار الإسلام فيغلب عليه جانب الإسلام ، لقوله عليهالسلام : «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» فترتّب عليه أحكام اللقطة ، ولذا ترتّب أحكامها أيضا على الكنز الذي عليه أثر الإسلام. ولا يذهب عليك أنّ قوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال إلّا من حيث أحلّه الله» لا يمنع من التصرّف