مع أنّ سياق أخبار التوقّف (١٣٠١) والاحتياط يأبى عن التخصيص (١٣٠٢) من حيث اشتمالها على العلّة العقليّة لحسن التوقّف والاحتياط ـ أعني الحذر من الوقوع في الحرام والهلكة ـ فحملها على الاستحباب أولى (١٣٠٣).
______________________________________________________
لتخصيص القول بالبراءة بالشبهات الموضوعيّة.
هذا ، ويمكن أن يقال : إنّ مراد المحدّث المذكور منع شمول أخبار التوقّف والاحتياط للشبهات الموضوعيّة ، وكذا منع شمول أخبار الإباحة للشبهات الحكميّة ، لا دعوى العموم للاولى وتخصيصها بالثانية ، كما يظهر بالتأمّل في الوجوه الآتية التي ذكرها بعد ذلك.
١٣٠١. يرد عليه ـ مضافا إلى ما أورده ـ أنّ أخبار التوقّف والاحتياط كما أنّها معارضة لقوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» كذلك معارضة لقوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي». ومقتضى الجمع تخصيصها بكلّ منهما ، وهو غير صحيح ، لبقاء الأخبار المذكورة حينئذ بلا مورد ، لخروج الشبهات الحكميّة التحريميّة والموضوعيّة كذلك منها بما عرفت ، وعدم وجوب الاحتياط في الشبهات الوجوبيّة مطلقا باتّفاق من الأخباريّين ، فلا بدّ من حمل تلك الأخبار على الاستحباب لتسلم من التخصيص الباطل.
١٣٠٢. لأنّ تعليل الحكم بعلّة عقليّة جارية في جميع الأفراد يأبى عن تخصيصه ببعضها ، لمنافاته لمقتضى العلّة.
١٣٠٣. هذا مناف لما تقدّم ، ويأتي من اختيار حملها على الطلب الراجح الشامل للوجوب والاستحباب ، إمّا على وجه الإرشاد كما صرّح به فيما تقدّم ، أو على وجه الأولويّة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ الحمل على الاستحباب أولى من ارتكاب التخصيص ، وإن كان الحمل على مطلق الطلب الراجح أولى منه.
فإن قلت : إنّ الحمل على الاستحباب أيضا محوج إلى ارتكاب التخصيص ، بإخراج ما يجب فيه الاحتياط من موارد العلم الإجمالي ، وجميع موارد الشبهات