أنّه إن اريد (١٣٠٦) عدم وجودهما ، ففيه ما لا يخفى. وإن اريد ندرتهما ففيه : أنّ الندرة (١٣٠٧) تمنع من اختصاص النبويّ بالنادر لا من شموله (١٣٠٨) له مع أنّ دعوى كون الحلال البيّن من حيث الحكم أكثر من الحلال البيّن من حيث الموضوع قابلة للمنع ، بل المحرّمات الخارجيّة المعلومة أكثر بمراتب من المحرّمات الكلّية المعلوم تحريمها.
ثمّ قال : ومنها ما ورد من الأمر البليغ باجتناب ما يحتمل الحرمة والإباحة بسبب تعارض الأدلة وعدم النصّ ، وذلك واضح الدلالة على اشتباه نفس الحكم الشرعيّ.
أقول : ما دلّ على التخيير والتوسعة مع التعارض وعلى الإباحة مع عدم ورود النهي وإن لم يكن في الكثرة بمقدار أدلّة التوقف والاحتياط ، إلّا أنّ الإنصاف أنّ دلالتها على الإباحة والرخصة أظهر من دلالة تلك الأخبار على وجوب الاجتناب.
ثمّ قال : ومنها أنّ ذلك وجه للجمع بين الأخبار (١٣٠٩) لا يكاد يوجد وجه أقرب منه.
______________________________________________________
١٣٠٦. مضافا إلى أنّ ما ذكره إنّما يرد على تقدير دعوى اختصاص النبوىّ بالشبهات الموضوعيّة ، لا على تقدير دعوى عمومه لها وللحكميّة.
١٣٠٧. مضافا إلى أنّه إن اريد بالحلال البيّن ما علمت حلّيته في الواقع ، ففيه : أنّ مثله نادر في الأحكام أيضا في أمثال زماننا وإن اريد ما يعمّ ما قام عليه دليل الحلّية في الظّاهر ، ففيه : أنّ أمارات الحلّية ـ من اليد والسوق والبيّنة ونحوها ـ كثيرة أيضا في الشبهات الموضوعيّة.
١٣٠٨. لا يخفى أنّ الندرة إنّما لا تمنع من الشمول في العمومات دون المطلقات ، وكون ما نحن فيه من قبيل الأوّل ممنوع ، بل قد يقال بعدم شمول العموم أيضا للأفراد إلّا ندرة.
١٣٠٩. هذا ربّما ينافي ما تقدّم من المصنّف رحمهالله في بعض أجوبة أخبار التوقّف من منع الأظهريّة وقوّة دلالة أخبار البراءة.