أقول : مقتضى الإنصاف أنّ حمل أدلّة الاحتياط على الرجحان المطلق أقرب ممّا ذكره (١٣١٠).
ثمّ قال ما حاصله : ومنها : أنّ الشبهة في نفس الحكم يسأل عنها الإمام عليهالسلام بخلاف الشبهة في طريق الحكم ؛ لعدم وجوب السؤال عنه ، بل علمهم بجميع أفراده غير معلوم أو معلوم العدم ؛ لأنّه من علم الغيب فلا يعلمه إلّا الله ، وإن كانوا يعلمون منه ما يحتاجون إليه وإذا شاءوا أن يعلموا شيئا علموه ، انتهى.
أقول ما ذكره من الفرق لا مدخل له (١٣١١) ؛ فإنّ طريق الحكم لا يجب الفحص عنه وإزالة الشبهة فيه ، لا من الإمام عليهالسلام ولا من غيره من الطرق المتمكّن منها ، والرجوع إلى الإمام عليهالسلام إنّما يجب فيما تعلّق التكليف فيه بالواقع على وجه لا يعذر (*) الجاهل المتمكّن من العلم.
______________________________________________________
١٣١٠. لما أسلفه من إباء أخبار التوقّف والاحتياط عن التخصيص. مضافا إلى استلزام ما ذكره ارتكاب خلاف الظاهر في كلّ منها ومن أخبار البراءة ، كما هو واضح. مع أنّ حمل قوله عليهالسلام في مرسلة الفقيه : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» على الشبهة الموضوعيّة فاسد جدّا ، وإن زعمه المحدّث المذكور.
١٣١١. الظاهر أنّ وجوب الاحتياط والرجوع إلى الإمام عليهالسلام إنّما هو فيما تعلّق التكليف فيه بالواقع ، وعدم وجوب ذلك في الشبهات الموضوعيّة الابتدائيّة إنّما هو لعدم تعلّق التكليف فيها بالواقع ، ولذا لا يجب فيها الرجوع إلى الأمارات الممكنة أيضا. وهذا أيضا هو المعيار في الشبهات الحكميّة ، فإن ثبت التكليف فيها بالواقع وجب فيها الاحتياط والرجوع إلى الإمام عليهالسلام وإلّا فلا.
ويمكن أن يقال : إنّ المقصود ممّا ذكره المحدّث المذكور ليس بيان الفرق بين الشبهات الحكميّة والموضوعيّة من حيث وجوب الاحتياط في الاولى دون الثانية ، بل مقصوده بيان أنّه قد ورد الأمر في غير واحد من أخبار التوقّف والاحتياط
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : فيه.