إنّه لا خلاف في نفي الوجوب عند الشكّ في الوجوب ، إلّا إذا علمنا اشتغال الذمّة بعبادة معيّنة وحصل الشكّ بين فردين كالقصر والتمام والظهر والجمعة وجزاء واحد (١٣٢٣) للصيد أو اثنين ونحو ذلك ، فإنّه يجب الجمع بين العبادتين ؛ لتحريم تركهما معا ، للنصّ ، وتحريم الجزم بوجوب أحدهما بعينه عملا بأحاديث الاحتياط (١) ، انتهى موضع الحاجة.
وقال المحدّث البحراني في مقدّمات كتابه بعد تقسيم أصل البراءة إلى قسمين : أحدهما أنّها عبارة (١٣٢٤) عن نفي وجوب فعل وجودي ، بمعنى أنّ الأصل عدم الوجوب حتّى يقوم دليل على الوجوب. وهذا القسم لا خلاف في صحّة الاستدلال به ؛ إذ لم يقل أحد : إنّ الأصل الوجوب. وقال في محكيّ كتابه المسمّى بالدرر النجفيّة : إن كان الحكم المشكوك دليله هو الوجوب ، فلا خلاف ولا إشكال في انتفائه حتّى يظهر دليله ؛ لاستلزام التكليف بدون الدليل الحرج (١٣٢٥) والتكليف بما لا يطاق (٢) ، انتهى. لكنّه قدسسره في مسألة وجوب الاحتياط قال بعد القطع برجحان الاحتياط : إنّ منه ما يكون واجبا ومنه ما يكون مستحبّا ، فالأوّل : كما إذا تردّد المكلّف في الحكم إمّا لتعارض الأدلّة أو لتشابهها وعدم وضوح دلالتها أو لعدم الدليل
______________________________________________________
لا نصّ فيه. وأمّا الشبهة في موضوع الحكم فهم مثل المجتهدين يقولون بالبراءة.» انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
١٣٢٣. بناء على كون ذلك من قبيل الأقلّ والأكثر الارتباطيّين ، فتدبّر.
١٣٢٤. مقول «قال». ولا يخفى ما في العبارة من الفتور ، وأصل العبارة هكذا : اعلم أنّ البراءة الأصليّة على قسمين : أحدهما : أنّه عبارة إلى آخر ما ذكره.
١٣٢٥. لا يقال : إنّ هذا منتقض بورد مثله في الشبهات التحريميّة أيضا. لأنّا نقول : لعلّه مبنيّ على توهّم عدم لزوم الحرج من اجتماع تروك كثيرة ، كما ادّعاه المصنّف رحمهالله أيضا في بعض كلماته السابقة. ولكنّا قد تنظّرنا هناك فيه بما لا يخفى. ويحتمل أن يكون قول الأخباريّين بوجوب الاحتياط في الشبهات التحريميّة لأجل الأخبار الخاصّة ، إذ لا ريب في كون قاعدة نفي الحرج قابلة