.................................................................................................
______________________________________________________
وكذلك يندفع ما ادّعاه المصنّف رحمهالله في وجه عدم جريان الاحتياط في المقام ، من كون الأمر بالاحتياط ـ كأوامر الإطاعة ـ إرشاديّا لا يترتّب على موافقته ومخالفته سوى ما يترتّب على نفس الواقع مع قطع النظر عن هذا الأمر ، لأنّ ذلك إنّما يرد لو قلنا بأنّ مبنى الاحتياط بالإعادة والقضاء من جهة احتمال خلل فيها على مجرّد كون ذلك طريق امتثال للأمر المحتمل ، وليس كذلك ، لما عرفت من كون ذلك لأجل حسن الفعل في نفسه. مضافا إلى حسن الإطاعة الحكميّة ، لكشفه عن أمر الشارع به في الواقع بحكم الملازمة.
فإن قلت : كون الصلاة المعادة أو المقضيّة عبادة وحسنة موقوف على أمر الشارع بها ، إذ لا حسن للعبادات من دون أمره بها ، ولذا لا تصحّ من دون قصد التقرّب بامتثال الأمر المتعلّق بها ، وأمره بها فرع حسنها في نفسها ، لكون أوامره تابعة للحسن الواقعي لا محالة ، فيلزم الدور. ولعلّه من هنا قد التزم صاحب الفصول بكفاية الحسن في الأمر ، وعدم لزوم حسن المأمور به في أمر الشارع به ، ومنع الملازمة بين حكم العقل والشرع وإلّا لم يندفع الدور. ومن هنا يظهر ضعف قول المصنّف رحمهالله : «والتحقيق : أنّه إن قلنا بكفاية ...» ، لأنّ صريحه اندفاع الدور على تقدير حسن الفعل المأتيّ به بداعي احتمال محبوبيّته. مضافا إلى حسن الإطاعة الحكميّة ، إذ قد عرفت بقاء إشكال الدور على هذا التقدير أيضا ، وإن اختلف تقريره على التقديرين ، لأنّ لزومه على تقدير عدم حسن الفعل في نفسه من جهة أنّ شمول الأمر بالاحتياط للمأتيّ به بداعي احتمال محبوبيّته موقوف على قصد القربة به ، وهو موقوف على شمول الأمر المذكور له ، وعلى تقدير حسنه في نفسه من جهة أنّ حسن الفعل المأتيّ به موقوف على أمر الشارع به ، وأمره به موقوف على حسنه كما عرفت.
قلت : إنّه ـ مع انتقاضه بسائر العبادات التي علم أمر الشارع بها ، لورود المحذور المذكور فيها أيضا ـ يمكن منع توقّف حسن العبادات على أمر الشارع ، و