الأمر بالاحتياط. وإن كان على وجه الطلب الشرعيّ المعبّر عنه بالاستحباب ، فهو غير لازم للحكم بتنجّز الثواب ؛ لأنّ هذا الحكم تصديق لحكم العقل بتنجّزه فيشبه قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي) (١١) ، إلّا أنّ هذا وعد على الإطاعة الحقيقيّة ، وما نحن فيه وعد على الإطاعة الحكميّة ، وهو الفعل الذي يعدّ معه العبد في حكم المطيع ، فهو من باب وعد الثواب على نيّة الخير التي يعدّ معها العبد في حكم المطيع من حيث الانقياد.
وأمّا ما يتوهّم من أنّ استفادة الاستحباب الشرعيّ فيما نحن فيه نظير استفادة الاستحباب الشرعيّ من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل ، مثل قوله عليهالسلام : «من سرّح لحيته فله كذا» ، فمدفوع بأنّ الاستفادة هناك باعتبار أنّ ترتّب الثواب لا يكون إلّا مع الإطاعة حقيقة أو حكما ، فمرجع تلك الأخبار (١٣٤٩) إلى بيان الثواب على إطاعة الله سبحانه بهذا الفعل ، فهي تكشف عن تعلّق الأمر بها من الشارع ، فالثواب هناك لازم للأمر يستدلّ به عليه استدلالا إنيّا. ومثل ذلك استفادة الوجوب والتحريم ممّا اقتصر فيه على ذكر العقاب على الترك أو الفعل.
______________________________________________________
بهذا الفعل لتحصيل هذا الثواب ، فإن كان للإرشاد يوافق حكم العقل بحسن الاحتياط ، والإتيان بالفعل على الوجه المذكور. وإن كان على وجه الطلب الشرعيّ المعبّر عنه بالاستحباب كما هو المدّعى ، فتنجّز الثواب الموعود المذكور لا يصحّ أن يكون غاية لهذا الأمر ، لعدم كونه من لوازم تنجّزه ، لأنّ الفرض تنجّزه بحكم العقل وإن لم يكن هنا طلب شرعيّ. نعم ، تنجّزه عقلي لازم الحكم العقل بحسن الاحتياط ، فلا يصحّ أن يكون غاية للطلب الشرعيّ.
١٣٤٩. حاصل الفرق بين هذه الأخبار وما نحن فيه : أنّ الثواب الموعود في هذه الأخبار هو الثواب المترتّب على نفس الفعل من حيث هو ، وهو مستلزم لكون الفعل من حيث هو مأمورا به وجوبا أو استحبابا ، فيكون الثواب حينئذ مترتّبا على الإطاعة الحقيقيّة ، بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ الثواب فيه مترتّب على