وأمّا الثواب الموعود في هذه الأخبار فهو باعتبار الإطاعة الحكميّة ، فهو لازم لنفس عمله المتفرّع على السماع واحتمال الصدق ولو لم يرد به أمر آخر أصلا ، فلا يدلّ على طلب شرعيّ آخر له. نعم ، يلزم من الوعد على الثواب طلب إرشادي لتحصيل ذلك الموعود. فالغرض من هذه الأوامر كأوامر الاحتياط تأييد حكم العقل والترغيب في تحصيل ما وعد الله عباده المنقادين المعدودين بمنزلة المطيعين.
وإن كان الثابت بهذه الأخبار خصوص الثواب البالغ كما هو ظاهر بعضها (١٣٥٠) ، فهو وإن كان مغايرا لحكم العقل باستحقاق أصل الثواب على هذا العمل ـ بناء على أنّ العقل لا يحكم باستحقاق ذلك الثواب المسموع الداعي إلى الفعل ، بل قد يناقش في تسمية ما يستحقّه هذا العامل لمجرّد احتمال الأمر ثوابا وإن كان نوعا من الجزاء والعوض ـ ، إلّا أنّ مدلول هذه الأخبار إخبار عن تفضّل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع ، وهو أيضا ليس لازما لأمر شرعيّ هو الموجب لهذا الثواب ، بل هو نظير قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١٢) ملزوم لأمر إرشادي يستقلّ به العقل بتحصيل ذلك الثواب المضاعف. والحاصل : أنّه كان ينبغي (١٣٥١) للمتوهّم أن يقيس ما نحن فيه بما ورد من الثواب على نيّة الخير ، لا على ما ورد من الثواب في بيان المستحبّات.
______________________________________________________
الإتيان بالفعل بداعي كونه ممّا يثاب عليه ، كما هو ظاهر أخبار التسامح ، فيكون الثواب مترتّبا على الإطاعة الحكميّة وهو لا يستلزم الاستحباب الشرعيّ ، بخلاف الأوّل. وإن شئت قلت : إنّ المراد بالثواب الموعود في تلك الأخبار هو الثواب المصطلح الذي لا يترتّب إلّا على الإطاعة الحقيقيّة ، وفي هذه الأخبار هو التفضّل المجامع للإطاعة الحكميّة.
١٣٥٠. مثل قوله عليهالسلام : «كان له من الثواب ما بلغه».
١٣٥١. لا يخفى ما في العبارة ، لأنّ هذا ليس حاصلا للشقّ الثاني من الترديد ولا الشقّين معا ، بل هو حاصل لما أجاب به عن التوهّم المذكور في الشقّ الأوّل.