.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : أنّ هذا وإن لم يكن تصديقا له ، إلّا أنّ معنى طرح خبر الفاسق جعل احتمال صدقه كالعدم. وظاهر هذه الأخبار الاعتناء باحتماله وعدم جعله كالعدم ، ولهذا لو وقع نظير هذا في خبر الفاسق الدالّ على الوجوب لكانت أدلّة طرح خبر الفاسق معارضة له قطعا ، بل قد عرفت ممّا ذكرنا أنّ هذا في الحقيقة عمل بخبر الفاسق.
وربّما يجاب أيضا بأنّ النسبة بينهما عموم من وجه ، والترجيح مع هذه الأخبار.
والتحقيق في الجواب : أنّ دليل طرح خبر الفاسق إن كان هو الإجماع فهو في المقام غير ثابت. وإن كانت آية النبأ فهي مختصّة ـ بشهادة تعليلها ـ بالوجوب والتحريم ، فلا بدّ في التعدّي عنها من دليل مفقود في المقام.
ومنها : أنّ الإخبار بترتّب الثواب على العمل المذكور لا يستلزم الاستحباب.
واجيب : بأنّ الثواب لا يكون إلّا فيما يترجّح فعله على تركه ، وليس المستحبّ إلّا ما كان كذلك وجاز تركه.
وفيه : أنّ الثواب قد يكون على إتيان الشيء لاحتمال كونه محبوبا راجحا ، وهذا لا يحتاج في ترتّب الثواب إلى رجحان آخر غير الرجحان المحتمل. وقد ذكرنا سابقا أنّ هناك شيئين : أحدهما : فعل محتمل المطلوبيّة لداعي احتمال كونه مطلوبا ، وهو معنى الاحتياط. وهذا لا يحتاج في ثبوت الثواب عليه إلى صدور طلبه من الشارع ، بل يكفى احتمال كون الفعل مطلوبا ، مع كون داعي الفاعل هو هذا الاحتمال. والثاني : مجرّد إتيان محتمل المطلوبيّة من دون ملاحظة كون الداعي هو الاحتمال. وهذا لا يترتّب الثواب إلّا إذا ورد الأمر به شرعا ، لأنّ ترتّب الثواب لا يكون في فعل إلّا إذا كان الداعي عليه طلبا محقّقا أو محتملا ، واحتمال الأمر موجود لكنّه لم يصر داعيا بالفرض ، فإذا كان الأمر المحقّق غير موجود فلا ثواب.
فحاصل الإيراد : أنّه كما يمكن أن تكون الأخبار محمولة على الوجه الثاني ،