.................................................................................................
______________________________________________________
الأخبار ، فلا بدّ من تنقيح المناط بين الاستحباب والكراهة ، وإلّا فمورد الأخبار ظاهر الاختصاص بالفعل المستحبّ ، فلا يشمل ترك المكروه ، إلّا أن يدّعى عموم لفظ الفضائل في النبويّ ، بل عموم لفظ الشيء في غيره للفعل والترك ، فتأمّل. مضافا إلى ظاهر إجماع الذكرى وصريح اتّفاق الوسائل ، بل جميع معاقد الاتّفاق ، بناء على أنّ السنّة تشمل ترك المكروه ، مضافا إلى ظهور الإجماع المركّب.
السابع : قيل : إنّ المستفاد من الأخبار هو إعطاء الثواب لمن بلغه الرواية بالثواب ، فيلزم الاقتصار على مدلولها ، فإفتاء المجتهد باستحبابه مطلقا مشكل. نعم ، للمجتهد أن يروي الحديث ثمّ يفتي بأنّ من عمل بمقتضاه كان الأجر له ، انتهى بمضمونه.
وفيه أوّلا : ما عرفت من أنّ الأخبار المتقدّمة إنّما دلّت على جواز العمل بالأخبار الضعيفة في السنن ، فالأخبار الضعيفة في مقام الاستحباب بمنزلة الصحاح ، وحينئذ فلا بأس بنقل المجتهد لمضمونها ، وهو الاستحباب المطلق ، فيكون بلوغ الرواية إلى المجتهد عثورا على مدرك الحكم لا قيدا لموضوعه.
وثانيا : أنّه لو سلّمنا عدم دلالة تلك الأخبار إلّا على استحباب الفعل في حقّ من بلغه ، لا على حجيّة ما بلغ لمن بلغ ، لكن نقول : قد عرفت أنّ أمثال هذه المسائل مسائل اصوليّة ، ومرجع المجتهد في الأحكام الشرعيّة دون المقلّد ، فالقيود المأخوذة في موضوعاتها إنّما يعتبر اتّصاف المجتهد بها دون المقلّد. ألا ترى أنّ المعتبر في استصحاب الحكم الشرعيّ كون المجتهد شاكّا في بقاء الحكم وارتفاعه ، والمعتبر في الاحتياط كون المجتهد شاكّا في المكلّف به. وكذا الكلام في البراءة والتخيير. والسرّ في ذلك أنّ هذه القيود يتوقّف تحقّقها إثباتا ونفيا على مراجعة الأدلّة وبذل الجهد واستفراغ الوسع فيها ، وذلك وظيفة المجتهد ، فكأنّه يفعل ذلك كلّه من طرف المقلّد ، ويسقط الاجتهاد عنه بفعله. وهذا بخلاف القواعد الفرعيّة الظاهريّة ، فإنّ القيود المأخوذة في موضوعاتها نظير القيود المأخوذة في