.................................................................................................
______________________________________________________
الأحكام الواقعيّة ، كالسفر والحضر والصحّة والمرض ، يشترك فيها المجتهد والمقلّد ، فمن دخل في الموضوع ثبت له الحكم ، ومن خرج فلا ، كالاستصحاب والاحتياط والبراءة والتخيير في الشبهة الموضوعيّة في الامور الخارجيّة. وقد عرفت سابقا ـ وستعرف ـ أنّ إثبات بلوغ الثواب على عمل لا يعارضه بلوغ العقاب ، إذ ثبوته ليس من وظيفة المقلّد.
وأمّا ثالثا : فلأنّا لو سلّمنا كون بلوغ الثواب قيدا لموضوع الحكم الفرعيّ ، بأن يناط الحكم باستحبابه وجودا وعدما بالنسبة إلى المجتهد والمقلّد ، لكن نقول :
إنّ إفتاء المجتهد بالاستحباب وإن كان إنشاء بما لم يدلّ عليه دليل الاستحباب ، لأنّ الفرض اختصاصه بمن بلغه الثواب ، إلّا أنّ هذا ممّا لا يترتّب عليه مفسدة عمليّة ، ولا يوجب وقوع المقلّد في خلاف الواقع ، إذ المقلّد حين العمل يعتمد على فتوى المجتهد ، فهذه الفتوى محقّقة لموضوع حكم العقل والنقل فيه باستحقاق الثواب ، حيث إنّ المقلّد إنّما يأتي بالفعل رجاء الثواب. وفي هذا الجواب نظر لا يخفى.
الثامن : هل يجوز للمقلّد أن يعمل بقاعدة التسامح إذا أخذها تقليدا من المجتهد ، أو حكم عقله بها بناء على الاستناد فيه إلى الاحتياط أم لا؟ الظاهر من بعض الأوّل. والتحقيق أنّ قاعدة التسامح ـ كما عرفت سابقا ـ مسألة اصوليّة يرجع إليها المجتهد في إثبات الاستحباب. ودعوى جواز رجوع المقلّد إليها إذا أمكنه تشخيص الموضوع ـ بأن يفهم دلالة الرواية الضعيفة ، وسلامتها عن المعارضة ببلوغ الحرمة ، أو ثبوتها بدليل معتبر ، ويفهم على تقدير المعارضة ترجيح مدلول أحدهما على الآخر ، من حيث قوّة الدلالة أو وجود الجابر ، إلى غير ذلك ـ معارضة بجواز ذلك في سائر القواعد الاصوليّة ، مثل العمل بالاصول في الأحكام الشرعيّة ، بل العمل بالأدلّة الشرعيّة مثل الكتاب ، بأن يفهم دلالتها وسلامتها عن المعارض كما لا يخفى.