.................................................................................................
______________________________________________________
فالتحقيق أنّه لا إشكال في التسامح في المقام من باب الاحتياط ، بل هو إجماعي ظاهرا. وأمّا من باب الأخبار فمقتضى إطلاقها ذلك أيضا ، إلّا أن يدّعى انصرافها إلى غير ذلك ، ولا شاهد عليه ، فيقع التعارض بين هذه الأخبار وأدلّة ذلك الدليل المعتبر لا نفسه ، لاختلاف الموضوع ، ومقتضى القاعدة وإن كان هو التساقط ، إلّا أنّ الأمر لمّا دار بين الاستحباب وغيره ، وصدق بلوغ الثواب ولو من جهة أخبار بلوغ الثواب ، حكم بالاستحباب تسامحا.
فإن قلت : أخبار بلوغ الثواب لا تعمّ نفسها. قلنا : نعم ، غير معقول إلّا أنّ المناط فيها منقّح ، فلا يقدح عدم العموم اللفظي ، لعدم تعقّله ، فافهم. فالقول بالتسامح قويّ جدّا.
الحادي عشر : إذا ورد رواية ضعيفة بالاستحباب واخرى بعدمه فلا إشكال في التسامح ، لأنّ الخبر الضعيف ليس حجّة في عدم الاستحباب ، فوجوده كعدمه. ومنه يعلم أنّه لو كان الدالّ على عدم الاستحباب أخصّ مطلقا من الدالّ على الاستحباب ، فلا يحمل هنا المطلق على المقيّد ولا العامّ على الخاصّ ، لأنّ دلالة الخبر الضعيف على عدم الاستحباب مطلقا أو في بعض الأفراد كالعدم لا يمنع من التسامح.
الثاني عشر : لو ورد رواية ضعيفة بالوجوب أو بالاستحباب ، واخرى بالحرمة أو الكراهة ، فلا إشكال في عدم جريان التسامح من باب الاحتياط كما لا يخفى ، إلّا إذا بنينا على ترجيح احتمال الخطر ـ كراهة أو تحريما ـ على احتمال المحبوبيّة وجوبا أو استحبابا ، وتقديم احتمال اللزوم فعلا أو تركا على غيره. وأمّا من جهة الأخبار فالظاهر أيضا عدم التسامح ، لأنّ كلّا من الفعل والترك قد بلغ الثواب عليهما وظاهر الروايات استحباب كلّ من الفعل والترك ، وهو غير ممكن ، لأنّ طلب الفعل والترك قبيح ، لعدم القدرة على الامتثال. وصرف الأخبار إلى استحباب أحدهما على وجه التخيير موجب لاستعمال الكلام في الاستحباب