.................................................................................................
______________________________________________________
فيكون استحباب المقيّد قطعيّا ، ونشكّ في استحباب المطلق بما هو ، فيتسامح فيما ورد في استحبابه ، فتأمّل.
بقي هنا شيء ، وهو أنّا إنّما حكمنا في القسم الأوّل بمجرّد استحباب الفرد المشكوك ، وأمّا إثبات كونه امتثالا للكلّي المأمور به المردّد بين المطلق والمقيّد بحيث يترتّب عليه أحكام ذلك الكلّي فلا ، مثلا : إذا ورد الأمر بنوافل الظهر أو صلاة جعفر ، فشككنا في أنّه يشترط فيهما القبلة أم لا ، وورد رواية ضعيفة أو فتوى فقيه في عدم اشتراطهما بالقبلة ، فالفرد المأتيّ به على خلاف القبلة لا يحكم عليها بأنّها صلاة جعفر ، ولا أنّ الذي يترتّب على نوافل الظهر ، بل ولا من الأوامر القطعيّة المتعلّقة بمطلق الصلاة ، فإنّ استحباب مطلق فعل تلك الأجزاء ولو على خلاف القبلة لا يستلزم الخروج عن عمومات الصلاة أو خصوصاتها. ومنه يظهر أنّ نيّة امتثال تلك الأوامر القطعيّة بهذا الفرد المشكوك تشريع محرّم. وهذا هو السرّ في أنّهم لا يتسامحون في شروط الماهيّات المستحبّة وإجرائها ، بل يلتزمون فيها بالمتيقّن ، متمسّكين بأنّ العبادات توقيفيّة ، كما ذكروا ذلك في جواز النافلة إلى غير القبلة ، وفي جواز النافلة مضطجعا ومستلقيا في حال الاختيار ، ونحو ذلك.
فحاصل معنى التسامح الذي ذكرنا في هذا المقام أنّه إذا ورد استحباب مطلق وورد استحباب مقيّد ، فحيث يلزم منه نفي استحباب المطلق فيحكم باستحباب المطلق ولو في ضمن غير المقيّد ، لكن لا يحكم بكونه امتثالا لأمر قطعي ثبت في المقام مردّدا بين المطلق والمقيّد ، فافهم واغتنم.
الرابع عشر : قد يجري على لسان بعض المعاصرين التسامح في الدلالة نظير التسامح في السند ، بأن يكون في الدليل المعتبر من حيث السند دلالة ضعيفة ، فيثبت بها الاستحباب تسامحا.
وفيه نظر ، فإنّ الأخبار مختصّة بصورة بلوغ الثواب وسماعه ، فلا بدّ أن يكون البلوغ والسماع ، ومع ضعف الدلالة لا بلوغ ولا سماع. نعم ، قاعدة الاحتياط