.................................................................................................
______________________________________________________
ولكنّ الإنصاف أنّ شيئا من هذه الوجوه لا يغني من جوع. أمّا الأوّل فلما عرفت. وأمّا الثاني فلأنّ الظاهر أنّ المراد بالإجزاء فيه مجرّد عدم وجوب القراءة على المأموم مع قراءة الإمام ، لوضوح عدم ورود الخبر في مقام بيان بدليّة الائتمام أو كونه مسقطا. ومنه يظهر ضعف دلالة الثالث والرابع أيضا ، لوضوح ورودهما في مقام بيان عدم وجوب القراءة ، لا في مقام بيان البدليّة أو الإسقاط. وأمّا قضيّة الجمع بين البدل والمبدل ، ففيه : أنّ الائتمام بدل عن وجوب القراءة في حال الانفراد في بعض الموارد ، كما في الأوليين من الفريضة الإخفاتيّة ، وعن أصل مشروعيّتها في موضع آخر ، كما في الأوليين من الفريضة الجهريّة مع سماع القراءة ، والأوّل لا ينافي جوازها.
وأمّا الخامس ، فيرد عليه : أنّ الائتمام لو لم يكن مقدورا للمكلّف لم يرد الأمر به ، والمقصود من بدليّته بدليّة المقدار المقدور منه لا مطلقا. نعم ، يرد ما ذكر على دعوى بدليّة قراءة الإمام إن قلنا باعتبار تعلّق القدرة بالشيء في بدليّته عن المأمور به ، فتدبّر. وحينئذ يتّجه ما ذكره المصنّف رحمهالله من كون صلاة الجماعة أحد فردي الواجب المخيّر ، وكونها أفضلهما.
وحينئذ إن قلنا بكون المبدل الناقص تامّا ، لأجل انتفاء جزئيّة المفقود كما تقدّم عن المصنّف رحمهالله ثبت التخيير بينهما. وإن قلنا بكونه بدلا اضطراريّا يمكن الحكم بتعيّن الائتمام ، لعدم صدق الاضطرار مع التمكّن من البدل الاختياري. ويحتمل عدمه ، نظرا إلى تحقّق موضوع الاضطرار حقيقة. وكذلك إن قلنا بكونه مسقطا ، لفرض عدم العلم بإسقاطه في محلّ الفرض ، فالخروج من عهدة التكليف المعلوم إجمالا لا يحصل إلّا بالايتمام. وليس في المقام شيء تطمئنّ به النفس في تعيين أحد الوجوه المذكورة. وما عرفته من المصنّف رحمهالله من انتفاء جزئيّة المفقود لا يدلّ على كون الباقي مأمورا به ، لاحتمال كون سقوط التكليف به لأجل كونه أمرا أجنبيّا مسقطا له أو بدلا اضطراريّا ، كما هو واضح.