ثمّ إنّ الكلام في الشكّ (١٣٦٣) في الوجوب الكفائي ـ كوجوب ردّ السلام على
______________________________________________________
١٣٦٣. اعلم أنّه قد بقي في المقام أمران :
أحدهما : ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من كون الكلام في الشكّ في الوجوب الكفائي نظير الكلام في الشكّ في الوجوب التخييري ، فنقول : إذا شكّ في وجوب فعل كفاية أو كونه مباحا لا يمكن نفي وجوبه بأصالة البراءة ، لما تقدّم سابقا ـ وسيجيء أيضا ـ من كون مقتضاها مجرّد نفي العقاب لا نفي الخطاب الواقعي ، ولا عقاب على ترك الواجب الكفائي مع قيام الغير به. نعم ، لو احتمل تعيّنه ، لأجل عدم وجود من تقوم به الكفاية ، أو لعدم قيامه به مع وجوده ، أمكن نفي وجوبه العيني العرضي المحتمل حينئذ بها. وأمّا أصالة العدم فهي جارية هنا بلا إشكال. وعليه لا يجوز للمصلّي ردّ السلام إلّا بقصد القرآن أو الدعاء ، بناء على جوازه فيها. وأمّا أصالة عدم اللازم الوضعي فهي غير جارية بالنسبة إلى المصلّي الشاكّ. نعم ، هي جارية بالنسبة إلى غيره ممّن قطع بتوجّه خطاب إليه وشكّ في كون مفاده الوجوب العيني أو الكفائي ، إذ يصحّ حينئذ أن يقال : إنّ الأصل عدم سقوطه عنه بفعل المصلّي.
وثانيهما : أنّ الأصحّ عدم جريان أصالة البراءة في الواجبات التي لا يترتّب على مخالفتها عقاب ، مثل الوجوب التبعي للمقدّمة إن قلنا بعدم ترتّبه عليه ، فلا يمكن نفي وجوبها بالأصل عند الشكّ فيه ، كما زعمه جماعة. ولا ينافي ذلك ما اخترناه من إجراء البراءة عند الشكّ في الأجزاء والشرائط ، لوضوح الفرق بينهما ، لأنّ الشكّ في وجوب المقدّمة إنّما هو بعد إحراز كونها مقدّمة لواجب ، فلا أثر لنفي وجوبها حينئذ ، إذ مقدّمات الواجب لا بدّ من الإتيان بها ، سواء قلنا بوجوبها أم لا ، لفرض توقّف الواجب عليها ، بخلاف ما لو شكّ في أصل الجزئيّة والشرطيّة ، إذ هذا المعنى قابل لنفيه بالبراءة ، وإن لم تكن نفس الجزء والشرط ممّا يترتّب عليه عقاب ، لأن محتمل الجزئيّة إن كان جزءا في الواقع ترتّب على تركه ترك الواجب