.................................................................................................
______________________________________________________
في الواقع ، فعند تركه يحتمل ترتّب العقاب على تركه ولو من جهة إفضائه إلى ترك الواجب ، وحينئذ يصحّ أن يقال : الأصل عدم ترتّب عقاب على تركه وإن كان من جهة إفضائه إلى ترك الواجب ، وسيجيء توضيحه في محلّه إن شاء الله تعالى ، بخلاف وجوب المقدّمة على ما عرفت.
نعم ، لو قلنا بكون مقتضى البراءة رفع التكليف مطلقا ، سواء كان إلزاميّا مثل الوجوب والحرمة ، أم غيره كالاستحباب والكراهة ، أمكن نفي الوجوب التبعي أيضا بالأصل ، ولكنّه خلاف التحقيق.
وإن شئت تحقيق المقام وإن كان خارجا من المقصود نقول : إنّهم قد اختلفوا في جواز التمسّك بأصالة البراءة في غير التكاليف الإلزاميّة على قولين ، فقيل ب «لما» ، وهو المحكيّ عن المشهور ، وقيل ب «نعم» ، وهو المحكيّ عن بعض كتب العلّامة ، وتبعهما صاحبا الهداية والفصول. والحقّ هو الأوّل ، لأنّ البراءة تارة تفرض بالنسبة إلى الأحكام الواقعيّة ، واخرى بالنسبة إلى الأحكام الظاهريّة.
أمّا الأوّل ، فكما في زمن الحضور مع فرض فقد الموانع من قبل المكلّف والمكلّف من تبليغ الأحكام وإيصالها إلى المكلّفين ، لاستقلال العقل حينئذ مع عدم بيان الشارع بعدم الحكم في الواقع وإن كان هو الاستحباب أو الكراهة ، لأنّ عدم بيانه له لو فرض وجوده في الواقع ينافي الغرض المقصود من جعل الأحكام وأمر السفراء بتبليغها.
وأمّا الثاني ، فكما في أمثال زماننا الذي منعت الحوادث من وصول الأحكام إلينا ، إذ لا ريب في تبليغ النبيّ صلىاللهعليهوآله جميع ما يجب عليه تبليغه من الأحكام إلى أوصيائه المعصومين عليهمالسلام ، وهم أيضا لم يقصّروا في تبليغها إلى المكلّفين ، إنّما منعهم من ذلك تغلّب الظالمين ، ونحن نعلم أنّه لو ارتفعت الموانع لظهرت الحجّة ، وبيّن الأحكام على ما هي عليه في كلّ ما تحتاج إليه الأمّة. ولا ريب أنّه مع وجود المانع وعدم وصول البيان من الشارع ، فالعقل إنّما يستقلّ بقبح العقاب على مخالفة