تشريعيّة لا ذاتيّة (*) ، وإنّما منع عن الطهارة مع الاشتباه لأجل النصّ ، مع أنّها لو كانت ذاتيّة ، فوجه ترك الواجب وهو الوضوء ثبوت البدل له وهو التيمّم ، كما لو اشتبه إناء الذهب بغيره مع انحصار الماء في المشتبهين ، وبالجملة : فالوضوء من جهة ثبوت البدل له لا يزاحم محرّما.
مع أنّ القائل بتغليب جانب الحرمة لا يقول بجواز المخالفة القطعيّة في الواجب لأجل تحصيل الموافقة القطعيّة في الحرام ؛ لأنّ العلماء والعقلاء متّفقون على عدم جواز ترك الواجب تحفّظا عن الوقوع في الحرام (**) ، فهذا المثال (***) أجنبيّ عمّا نحن فيه قطعا. ويضعّف ما قبله (١٤٢٦) بأنّه يصلح وجها لعدم تعيين الوجوب ، لا لنفي
______________________________________________________
ومع التسليم نقول : إنّ تقديم جانب الحرمة فيما نحن فيه إنّما هو للتحرّز عن الحرمة المحتملة ، ولا يمكن إثبات ذلك بوجوب ترك استعمال الإنائين المشتبهين ، لأنّه للاحتراز عن الحرمة المعلومة إجمالا.
لا يقال : إذا ثبت جواز المخالفة القطعيّة للواجب لأجل تحصيل الموافقة اليقينيّة للحرام ، ثبت جواز المخالفة للوجوب المحتمل لأجل تحصيل الموافقة للحرمة المحتملة ، لاتّحاد طريقهما. وبهذا الاعتبار عدّ هذا المثال من الأفراد المستقرأ فيها.
لأنّا نقول : إنّه قياس مع وجود الفارق باعتراف الخصم ، لكون الأوّل خلاف طريقة العلماء والعقلاء ، كما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله : «مع أنّ القائل بتغليب جانب الحرمة ...». فلا بدّ حينئذ من حمل الأمر بترك الإنائين المشتبهين على إرادة التعبّد المحض ، أو على إرادة ثبوت البدل للواجب ، أو على غير ذلك ممّا تقدّم ، لا على إرادة تقديم جانب الحرام.
١٤٢٦. يعني : كون إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : فالأمر دائر بين الواجب وغير الحرام.
(**) في بعض النسخ زيادة : بل اللازم إجماعا فى مثل ذلك ارتكاب أحدهما وترك الآخر.
(***) في بعض النسخ زيادة : المفروض فيه وجوب المخالفة القطعيّة فى الواجب.