أمّا المقام الأوّل : فالحقّ فيه عدم الجواز (١٤٤٨) وحرمة المخالفة القطعيّة ، وحكي عن ظاهر بعض (١) جوازها. لنا على ذلك (١٤٤٩) وجود المقتضي للحرمة وعدم المانع عنها. أمّا ثبوت المقتضي : فلعموم دليل تحريم ذلك العنوان المشتبه ؛ فإنّ قول الشارع : «اجتنب عن الخمر» يشمل الخمر الموجود المعلوم المشتبه بين الإناءين
______________________________________________________
علّقناه على التنبيه الأوّل من تنبيهات هذا المقام. ولكنّه سيصرّح في التنبيه الثامن بعموم كلمات بعضهم ، وكذا بتصريح بعضهم باختصاص النزاع بالمحرّمات الماليّة ونحوها كالنجس ، دون النفوس والأعراض ، مع تنظّره فيه.
١٤٤٨. اعلم أنّ الأقوال في المقامين أربعة : أحدها : ما اختاره المصنّف رحمهالله ، وهو المشهور بين الأصحاب. وثانيها : جواز ارتكاب الكلّ ، نقله المحقّق القمّي رحمهالله عن العلّامة المجلسي في أربعينه. وثالثها : التخيير وإبقاء ما يتحقّق به ارتكاب الحرام. ومال إليه المقدّس الأردبيلي ، واختاره جماعة ممّن تأخّر عنه ، كصاحب المدارك والذخيرة والرياض والقوانين والمناهج ، ونسب أيضا إلى الوحيد البهبهاني قدسسرهم ورابعها : القرعة ، واختاره ابن طاوس قدسسره.
١٤٤٩. يدلّ عليه أيضا وجوه :
أحدها : الإجماع محكيّا ومحصّلا ظاهرا ، لعدم المخالف فيه سوى ما عزاه المجلسي إلى بعضهم ، وهو مجهول القائل. وأمّا المجلسي فعبارته المحكيّة غير صريحة في ذلك ، لأنّه قال : «وقيل : يحلّ له الجميع ، لما ورد في الأخبار الصحيحة إذا اشتبه عليك الحلال والحرام فأنت على حلّ حتّى تعرف الحرام بعينه ، وهذا أقوى عقلا ونقلا» انتهى موضع الحاجة ، لأنّه يحتمل أن يريد به تقوية هذا القول بحسب الدليل دون الفتوى ، والفرق بينهما واضح.
وثانيها : كون تجويز ارتكاب الجميع نقضا لغرض الشّارع ، لكونه وسيلة إلى إمكان ارتكاب المحرّمات الواقعيّة بخلطتها بالمحلّلات بحيث يقع الاشتباه بينهما ، وهو موجب لاختلال نظم الأموال والفروج وغيرهما.