.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : إنّ خلط المكلّف باختياره حرام ، فهو مانع من اختلال النظم.
قلت : إنّ كان سبب الحرمة حرمة ارتكاب الحرام الواقعي ، بأن كان الخلط حراما من باب المقدّمة للحرام ، ففيه : أنّه لا فرق فيه بين الخلط والاختلاط ، لكون ارتكاب أطراف الشبهة مطلقا مقدّمة لارتكاب الحرام الواقعي. وإن كان غير ذلك فلا دليل عليه. هكذا قرّره بعض مشايخنا.
وفيه نظر ، لأنّ إيجاد مقدّمة الحرام بقصد التوصّل إليه بها حرام ، بخلاف ما لم يكن بقصده ، كما قرّرناه في مبحث المقدّمة ، فلا يقاس الخلط على الاختلاط. نعم ، إن كان المقصود بارتكاب أطراف الشبهة في صورة الاختلاط هو التوصّل إلى ارتكاب الحرام الواقعي لم يجز ذلك أيضا ، ولذا أخرجنا هذه الصورة من محلّ النزاع في الحواشي السابقة.
فإن قلت : كيف تنكر جواز ارتكاب الجميع ، وقد وقع ذلك في الشرع في الجملة ، وهو أقوى دليل على الجواز ، وأفتى به بعضهم ، ففي الحدائق عن المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : «من اشتبه عليه الربا لم يكن له أن يقدم عليه إلّا بعد اليقين بأنّ ما يدخل فيه حلال ، فإن قلّد غيره أو استدلّ فأخطأ ثمّ تبيّن له أنّ ذلك ربّما لا يحلّ ، فإن كان معروفا ردّه على صاحبه وتاب إلى الله تعالى. وإن اختلط بماله حتّى لا يعرفه ، أو ورث ما لا يعلم أنّ صاحبه كان يربي ولا يعلم الربا بعينه فيعزله ، جاز له أكله والتصرّف فيه» انتهى.
وقد حكى المصنّف رحمهالله في بعض تحقيقاته عن بعض الأصحاب القول بحلّية المال الموروث الذي علم فيه الربا. وإذا ثبت الجواز في الجملة ثبت مطلقا ، لعدم كون حكم العقل قابلا للتخصيص. وقد روى المشايخ الثلاثة عطّر الله مراقدهم في الصحيح أو الحسن ، وفي الفقيه مرسلا قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام : كلّ ربا أكله الناس ثمّ تابوا فإنّه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة». وقال : «لو أنّ رجلا ورث من أبيه مالا ، وقد عرف منه شيئا معزولا أنّه ربا ، فليأخذ رأس ماله وليردّ الربا».