وبين ردّ من استدلّ بها لعدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع : بأنّ نفي فعليّة التعذيب أعمّ من نفي الاستحقاق ؛ فإنّ الإخبار بنفي التعذيب إن دلّ على عدم التكليف شرعا فلا وجه للثاني ، وإن لم يدلّ فلا وجه للأوّل. ويمكن دفعه : بأنّ عدم الفعليّة يكفي في هذا المقام ؛ لأنّ الخصم يدّعي أنّ في ارتكاب الشبهة الوقوع في العقاب والهلاك فعلا من حيث لا يعلم ـ كما هو مقتضى رواية التثليث ونحوها التي هي عمدة أدلّتهم ـ ، ويعترف بعدم المقتضي للاستحقاق على تقدير عدم الفعليّة ، فيكفي في عدم الاستحقاق نفي الفعليّة ، بخلاف مقام التكلّم في الملازمة ؛ فإنّ المقصود فيه إثبات الحكم الشرعيّ في مورد حكم العقل ، وعدم ترتب العقاب على مخالفته لا ينافي ثبوته ، كما في الظهار حيث قيل : إنّه محرّم معفوّ عنه ، وكما في العزم على المعصية على احتمال. نعم ، لو فرض هناك أيضا إجماع على أنّه لو انتفت الفعليّة انتفى الاستحقاق ـ كما يظهر من بعض ما فرّعوا على تلك المسألة ـ لجاز التمسّك بها هناك. والإنصاف أنّ الآية لا دلالة لها (١١٠٧) على المطلب في المقامين.
______________________________________________________
في مسألة البراءة بالآية عليها. وفي مسألة الحسن والقبح ردّ على من منع الملازمة بين حكم العقل والشرع ، مستدلا بها عليه بأنّ نفي فعليّة التعذيب أعمّ من نفي الاستحقاق ، ومنع الملازمة إنّما يتمّ على الثاني دون الأوّل. قال : «والعجب من بعض الأعاظم حيث جمع في كلامه بين الاستدلال بالآية لأصل البراءة ، ودفع الإشكال الوارد على الآية بالأحكام العقليّة الإلزاميّة ، بجواز العفو عن الله تعالى» انتهى.
وحاصل ما أورده من التناقض : أنّ مقتضى الاستدلال بالآية على أصالة البراءة هو نفي الحكم المستتبع لنفي الاستحقاق ، ومقتضى الردّ على المانع بما ذكره نفي فعليّة التعذيب بالعفو عنه مع تسليم أصل الاستحقاق ، والتنافي بينهما واضح.
١١٠٧. أمّا عدم دلالتها على أصالة البراءة فلما أورده على المستدلّ بها عليها. وأمّا عدم دلالتها على عدم الملازمة فلما صرّح به من كون محلّ النزاع هناك هو إثبات الملازمة بين حكم العقل والشرع في الاستحقاق خاصّة ، ومجرّد