وإن لم يصادف الواقع ، فهو خارج عمّا نحن فيه ؛ لأنّ الضرر الدنيويّ ارتكابه مع العلم حرام شرعا ، والمفروض أنّ الظنّ في باب الضرر طريق شرعيّ إليه ، فالمقدم مع الظن كالمقدم مع القطع مستحقّ للعقاب ، كما لو ظنّ سائر المحرّمات بالظنّ المعتبر.
______________________________________________________
لا دليل آخر أيضا على كون مدار الموافقة والمخالفة على مؤدّاه. بل لو فرض حكم العقل باعتباره لأجل دليل الانسداد ، لا يترتّب عليه أيضا أثر سوى ما يترتّب على نفس الواقع ، لكون اعتباره حينئذ كالقطع من باب مجرّد الكشف والإرشاد. وغاية الفرق بين الظنّ غير المعتبر والظنّ المعتبر بدليل الانسداد هو عدم وجوب الالتزام به شرعا ، بل حرمته تشريعا على الأوّل ، بخلافه على الثاني ، فيعذر مع مخالفة عمله للواقع على الأوّل دون الثاني. ومن هنا يظهر الوجه في عدم ترتّب أثر على الظنّ المتعلّق بأحد المشتبهين مع عدم المصادفة في ما نحن فيه. وكذا الوجه في الفرق بين القطع بالعقاب والظنّ بالضرر الدنيوي.
وهذا غاية توضيح المقام. وهو مع الغضّ عن كون اعتبار الظن بالضرر الدنيوي من باب الشرع أو العقل لا يخلو من نظر.
أمّا أوّلا : فإنّ الالتزام بوجود المصلحة في الطرق الظاهريّة مستلزم للقول بالإجزاء ، والظاهر أنّ المصنّف رحمهالله لا يقول به. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ وجود المصلحة فيها مقيّد بعدم انكشاف خلافها ، لأنّ مجرّد احتمال ذلك يكفي في منع القول بالإجزاء ، كما قرّرناه في مسألة الإجزاء.
وأمّا ثانيا : فإنّه مستلزم للقول بترتّب العقاب على مخالفة الطرق الظاهريّة على تقدير عدم مصادفتها للواقع ، وقد أشرنا عند شرح قوله : «استحقّ عقابين» إلى أنّ المصنّف رحمهالله لا يقول بذلك.
وأمّا ثالثا : فإنّه لم يفرّق في مسألة التجرّي بين الضرر الدنيويّ المظنون وغيره ، في عدم ترتّب العقاب على مخالفته على تقدير عدم مصادفته للواقع ، بل استدلّ على القول بحرمته بقوله : «لا خلاف بينهم ظاهرا في أنّ سلوك الطريق