كثير لا ينفعل بالنجاسة أو أحد ثوبين أحدهما نجس بتمامه ، لم يجب الاجتناب عن الآخر ؛ لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب عن ملاقي هذه القطرة ؛ إذ لو كان ملاقيها هو الإناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب أصلا ، فالشكّ في التكليف بالاجتناب عن الآخر شكّ في أصل التكليف لا المكلّف به.
وكذا لو كان التكليف في أحدهما معلوما (١٥١٨) لكن لا على وجه التنجّز ، بل معلّقا على تمكّن المكلّف منه ، فإنّ ما لا يتمكّن المكلّف من ارتكابه لا يكلّف منجّزا بالاجتناب عنه ، كما لو علم بوقوع النجاسة في أحد شيئين لا يتمكّن المكلّف من ارتكاب واحد معيّن منهما ، فلا يجب الاجتناب عن الآخر ؛ لأنّ الشكّ في أصل تنجّز التكليف لا في المكلّف به تكليفا منجّزا.
وكذا لو كان ارتكاب الواحد المعيّن ممكنا عقلا ، لكن المكلّف أجنبيّ عنه وغير مبتل به بحسب حاله ، كما إذا تردّد النجس بين إنائه وإناء آخر لا دخل للمكلّف فيه أصلا ؛ فإنّ التكليف بالاجتناب عن هذا الإناء الآخر المتمكّن عقلا غير منجّز عرفا ؛ ولهذا لا يحسن التكليف المنجّز بالاجتناب عن الطعام أو الثوب الذي ليس من شأن المكلّف الابتلاء به ، نعم ، يحسن الأمر بالاجتناب عنه مقيّدا بقوله : إذا اتّفق لك الابتلاء بذلك بعارية أو تملّك أو إباحة فاجتنب عنه.
______________________________________________________
إذا علم بنجاسة أحد الإنائين تفصيلا ، ثمّ علم إجمالا بملاقاة أحدهما للنجاسة ، إذ الحادث بسبب العلم الإجمالي حينئذ هو الشكّ في عروض النجاسة لمعلوم الطهارة ، لفرض العلم بنجاسة الآخر تفصيلا ، وعدم تأثير ملاقاة النجس للنجس في شيء.
وثانيهما : ما كان العلم الإجمالي فيه سببا لحدوث تكليف مشروط تنجّزه إمّا بالقدرة ، كما إذا كان أحد المشتبهين غير مقدور للمكلّف ، وإمّا بابتلائه كما إذا كان أحدهما خارجا من محلّ ابتلائه ، مثل ما لو علم بنجاسة ثوبه أو ثوب بنت قيصر ، لعدم صحّة التكليف في أمثالهما إلا مشروطا بالقدرة أو الابتلاء ، كما أوضحه المصنّف رحمهالله.
١٥١٨. إذا علم بكونه الحرام الواقعي.