الغنية (١٥٣٠) من دلالة وجوب هجر النجس على وجوب الاجتناب عن ملاقي الرجز إذا لم يكن عليه أثر من ذلك الرجز ، فتنجيه حينئذ ليس إلّا لمجرّد تعبّد خاصّ ، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر المشتبه في الشبهة المحصورة ، فلا يدلّ على وجوب هجر ما يلاقيه. نعم ، قد يدلّ بواسطة بعض الأمارات الخارجيّة ، كما استفيد نجاسة البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء من أمر الشارع بالطهارة عقيبه من جهة استظهار أنّ
______________________________________________________
قال : «فإنّه لا إشكال في عدم وجوب اجتنابه وإن كان التكليف بالنجس لا يتمّ إلّا به ، لكن لمّا كانت أفراد النجس غير محصورة لم يجب اجتناب المحتمل ، وهذا كذلك أيضا ، فإنّ إصابة المشتبه له صيّرته محتمل النجاسة. وكون هذا الاحتمال إنّما نشأ من إصابة متنجّس يجب اجتنابه للمقدّمة لا يصيّر الملاقي كذلك ، وكيف مع أنّه لو تعذّر الاحتمال من وجوب المجتنب على اليقين لما وجب الاجتناب ، فهذا أولى. مثلا : لو كان الإناءان النجس منهما معلوما ، ووقعت قطرة لا نعلمها من أيّ الإنائين ، فلا شكّ في عدم نجاسة الثوب بها. وهو معنى قوله عليهالسلام : «ما أبالي أبول أصابني أم ماء؟ إذا كنت لا أدري». وما يقال : من أنّ اجتناب النجس لا يتمّ إلّا بذلك ، فيه أنّه جار في محتمل (*) التنجّس بنجاسة خاصّة معلومة كالبول المخصوص ونحوه ، فتأمّل» انتهى.
وفيه : أنّ الفرق بين محتمل النجاسة ـ سواء كانت الشبهة فيه بدويّة ، أو مشوبة بالعلم الإجمالي مع كونها غير محصورة ـ وبين ما نحن فيه واضح ، لدخول الملاقي بالكسر بالملاقاة في أطراف العلم الإجمالي ، ولذا لو أريق الملاقى بالفتح بقي العلم الإجمالي بين الملاقي بالكسر وصاحب الملاقى بالفتح بحاله ، فلا يقاس ذلك على الشبهات البدويّة. ولا معنى أيضا لدعوى كونه من أطراف غير المحصورة.
١٥٣٠. مضافا إلى أنّ الشيخ الطريحي قال في تفسير الآية : «الرجز بكسر الراء وضمّها إمّا العذاب كما هو قول الأكثرين ، فيكون الأمر بهجرانه أمرا
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «والحال أنّه لا يجب الاجتناب عنه. منه».