الشارع جعل هذا المورد من موارد تقديم الظاهر على الأصل ، فحكم بكون الخارج بولا ، لا أنّه أوجب خصوص الوضوء بخروجه. وبه يندفع تعجّب صاحب الحدائق من حكمهم بعدم النجاسة فيما نحن فيه وحكمهم بها في البلل مع كون كلّ منهما مشتبها حكم عليه ببعض أحكام النجاسة.
وأمّا الرواية ، فهي رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام : «أنّه أتاه رجل فقال له : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت ، فما ترى في أكله؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : لا تأكله ، فقال الرجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي لأجلها ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : إنّك لم تستخفّ بالفأرة وإنّما استخففت بدينك ، إنّ الله حرّم الميتة من كلّ شيء» (١٠). وجه الدلالة : أنّه عليهالسلام جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافا بتحريم الميتة ، ولو لا استلزامه لتحريم ملاقيه لم يكن أكل الطعام استخفافا بتحريم الميتة ، فوجوب الاجتناب عن شيء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيه.
لكنّ الرواية ضعيفة سندا (١٥٣١) ،
______________________________________________________
بهجران أسبابه الموجبة له ، أو النجاسة ، فهو حينئذ صريح في وجوب توقّي النجاسة في الصلاة» إلى أن قال : «وفسّره البعض بالأوثان ، وسميّت رجزا لأنّها سبب الرجز الذي هو العذاب» انتهى. ولا ريب أنّه مع تعدّد الاحتمال ـ سيّما مع موافقة الأوّل لقول الأكثرين ـ سقط بها الاستدلال. ومع التسليم أنّ دلالته على وجوب هجر ملاقي النجس لعلّه لأجل خصوصيّة المادّة هنا ، لكون النجاسة في نظر أهل العرف من الأوصاف المسرية ، فلا تثبت به الدلالة على وجوب الاجتناب عن ملاقي كلّ ما يجب الاجتناب عنه ، حتّى يثبت به وجوب الاجتناب عن ملاقي الشبهة المحصورة ، لأجل حكم الشارع بوجوب الاجتناب عن أطرافها.
١٥٣١. لأنّ عمرو بن شمر ضعيف. وعن النجاشي والغضائري ثمّ الخلاصة رميه بالكذب والوضع. فإن قلت : إنّ ضعفها منجبر بالإجماع على مضمونها ، لإجماعهم على حرمة ملاقي الميتة. قلت أوّلا : إنّ إجماعهم على ذلك إنّما هو لأجل نجاسة الميتة لا لأجل حرمتها مطلقا. وثانيا : إنّه لم يظهر منهم الاستناد في ذلك