مع أنّ الظاهر من الحرمة (١٥٣٢) فيها النجاسة ؛ لأنّ مجرّد التحريم لا يدلّ على النجاسة فضلا عن تنجّس الملاقي ، وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرّمات كما ترى ؛ فالملازمة بين نجاسة الشيء وتنجّس ملاقيه ، لا حرمة الشيء وحرمة ملاقيه.
______________________________________________________
إليها ، ومثله لا يصلح للجبر كما هو واضح.
١٥٣٢. يعني : مع أنّ الظاهر من حرمة الميتة في الرواية حرمتها من حيث النجاسة لا مطلقا ، وإلّا لم يحسن استدلال الإمام عليهالسلام بحرمتها على حرمة السمن والزيت ، لوضوح عدم دلالتها على النجاسة فضلا عن تنجّس الملاقي ، ولذا لم يقل أحد بحرمة الملاقي في ما عدا النجاسات. ودعوى أنّ ظاهر الرواية استلزام حرمة شيء مطلقا لحرمة ملاقيه ، غاية الأمر أنّه خرج منها ما عدا النجاسات بالإجماع وبقيت هي تحتها ، ضعيفة جدّا ، لاستلزامه تخصيص الأكثر. فالثابت بالرواية هي الملازمة بين نجاسة شيء وتنجّس ملاقيه ، لا الملازمة بين حرمة شيء وحرمة ملاقيه. والأوّل مسلّم ، إلّا أنّه غير مفيد في المقام. والثاني هو المطلوب ، إلّا أنّ الرواية لا تدلّ عليه.
فإن قلت : سلّمنا ولكنّه كاف في المقام ، بناء على ما اختاره المصنّف رحمهالله في محلّه من كون الأحكام الوضعيّة منتزعة من الأحكام الطلبيّة لا مجعولة للشارع ، لأنّه إذا فرض كون معنى نجاسة الميتة وجوب الاجتناب عنها ووجوب الاجتناب عن ملاقيها أيضا ، ثبت المطلوب من وجوب الاجتناب عن ملاقي ما يجب الاجتناب عنه.
قلت أوّلا : إنّ الظاهر أنّ النجاسة والطهارة من الأوصاف الواقعيّة. ولعلّ استدلال الإمام عليهالسلام بحرمة الميتة على حرمة ملاقيها لأجل كون النجاسة من الأوصاف المسرية. ومجرّد احتماله كاف في منع التعدّي عن مورد الرواية ، كيف ولو كان مبنى استدلاله على ما ذكرته لزم منه تخصيص الأكثر كما عرفت.