أصالة إباحة الشرب ـ ، فما دام الأصل الحاكم الموافق أو المخالف يكون جاريا لم يجر الأصل المحكوم ؛ لأنّ الأوّل رافع شرعيّ للشكّ المسبّب بمنزلة الدليل بالنسبة إليه ، وإذا لم يجر الأصل الحاكم لمعارضته بمثله زال المانع من جريان الأصل في الشكّ المسبّب ووجب الرجوع إليه ؛ لأنّه كالأصل بالنسبة إلى المتعارضين.
ألا ترى أنّه يجب الرجوع عند تعارض أصالة الطهارة والنجاسة ـ عند تتميم الماء النجس كرّا بطاهر وعند غسل المحلّ النجس بماءين مشتبهين بالنجس ـ إلى قاعدة الطهارة ، ولا تجعل القاعدة كأحد المتعارضين؟ نعم ، ربما تجعل معاضدا لأحدهما الموافق لها بزعم كونهما في مرتبة واحدة.
لكنّه توهّم فاسد ؛ ولذا لم يقل أحد في مسألة الشبهة المحصورة بتقديم أصالة الطهارة في المشتبه الملاقى ـ بالفتح ـ لاعتضادها بأصالة طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ.
فالتحقيق في تعارض الأصلين مع اتّحاد مرتبتهما (١٥٣٤) لاتّحاد الشبهة (١٥٣٥) الموجبة لهما : الرجوع إلى ما وراءهما من الاصول التي لو كان أحدهما سليما عن المعارض لم يرجع إليه ، سواء كان هذا الأصل مجانسا لهما أو من غير جنسهما كقاعدة الطهارة في المثالين ، فافهم واغتنم. وتمام الكلام في تعارض الاستصحابين إن شاء الله تعالى. نعم ، لو حصل للأصل في هذا الملاقي ـ بالكسر ـ أصل آخر في مرتبته كما لو وجد معه ملاقي المشتبه الآخر ، كانا من الشبهة المحصورة.
ولو كان ملاقاة شىء (١٥٣٦) لأحد المشتبهين قبل العلم الإجمالي وفقد الملاقى ـ بالفتح ـ ثمّ حصل العلم الإجمالي بنجاسة المشتبه الباقي أو المفقود ، قام ملاقيه
______________________________________________________
الجواب ، فراجع.
١٥٣٤. بأن لم يكن أحدهما حاكما أو واردا على الآخر.
١٥٣٥. قد تقدّم توضيح اتّحاد الشبهة في الشبهة المحصورة عند شرح قوله : «إنّ تنجّس الملاقي إنّما جاء ...».
١٥٣٦. لا يخفى أنّه إذا لاقى شيء أحد الإنائين ، إمّا أن تحصل الملاقاة قبل العلم الإجمالي أو بعده أو معه. وعلى التقادير : إمّا أن يفقد الملاقى بالفتح بعدها أو