مقامه في وجوب الاجتناب عنه وعن الباقي ؛ لأنّ أصالة الطهارة في الملاقي ـ بالكسر ـ معارضة بأصالة الطهارة في المشتبه الآخر ؛ لعدم جريان الأصل في المفقود حتّى يعارضه ؛ لما أشرنا إليه في الأمر الثالث من عدم جريان الأصل فيما لا يبتلي
______________________________________________________
لا. وعلى الأوّل : إمّا أن يعود المفقود أو لا. فهنا صور :
إحداها : أن تحصل الملاقاة قبل العلم الإجمالي أو بعده أو معه مع وجود الملاقى بالفتح. وقد ظهر حكمها ممّا حقّقه المصنّف رحمهالله في أصل المسألة.
الثانية : أن يكون كلّ من حصول الملاقاة وفقد الملاقى بالفتح قبل العلم الإجمالي. وحكمها كما ذكره المصنّف رحمهالله هنا.
الثالثة : أن يحصل العلم الإجمالي قبل فقد الملاقى والملاقاة ففقد. والظاهر حينئذ هو الحكم بطهارة الملاقي بالكسر ، ووجوب الاجتناب عن صاحب الملاقي كما ذكره المصنّف رحمهالله ، لأنّ المفروض أنّ وجوب الاجتناب عن كلا المشتبهين كان ثابتا قبل فقد الملاقى بالفتح ، لأجل تنجّز التكليف بالاجتناب عن النجس الواقعي المشتبه بينهما ، فمجرّد فقد أحدهما لا يوجب ارتفاع هذا الحكم العقلي عن الباقي المحتمل كونه هو النجس الواقعي ، لأنّ تنجّز التكليف بالواقع في آن ثمّ الشكّ في بقائه علّة تامّة لحكم العقل بتحصيل اليقين بالبراءة بالاجتناب عن الباقي ، ولذا يجب الاجتناب عن الباقي أيضا فيما ارتكب أحدهما عصيانا. وأمّا طهارة الملاقي بالكسر فلقاعدتها ، إذ المانع من جريانها فيه هو العلم الإجمالي بتنجّسه أو نجاسة الباقي ، وبعد ثبوت وجوب الاجتناب عن الباقي ، بقاعدة الاشتغال ينحلّ العلم الإجمالي على علم تفصيلي ظاهري وشكّ بدوي ، نظير ما لو قامت البيّنة على نجاسة أحد الإنائين أو تنجّس أحدهما المعيّن بعد العلم الإجمالي بنجاسة أحدهما. ولعلّ المصنّف رحمهالله أشار بالأمر بالتأمّل الجيّد إلى الوجه في حكم المسألة.
الرابعة : أن يقارن العلم الإجمالي بالملاقاة ففقد. والظاهر أنّ حكمها كالصورة الثالثة في وجوب الاجتناب عن صاحب الملاقى بالفتح ، وطهارة الملاقي بالكسر.