.................................................................................................
______________________________________________________
وثالثها : أن يتعلّق الغرض أوّلا وبالذات بإدخال الضرر على شخص ، فأكره آخر على الإضرار به. ولا ريب في عدم منافاة ارتفاع الضمان من المكره ـ بالفتح ـ للامتنان ، لكون السبب هنا أقوى من المباشر ، فيكون ضرر صاحب المال منجبرا بضمان المكره ـ بالكسر ـ. وهذا هو المشهور. ولكن يمكن أن يقال بعدم ارتفاع الضمان عن المكره في هذه الصورة أيضا ، بأن كان استقرار الضمان على المكره ـ بالكسر ـ ، فيتخيّر المضمون له في الرجوع إلى من أراد منهما ، فإن رجع إلى المكره ـ بالفتح ـ فهو يرجع إلى المكره ـ بالكسر ـ. بل ربّما يشكل ارتفاع الحكم التكليفي حينئذ أيضا ـ كما هو ظاهر العلماء ـ إذا أمكن دفع الضرر عن الغير بإدخال ضرر يسير على نفسه ، بأن أكره على الإضرار بعرض الغير أو على إتلاف أموال كثيرة للغير ، وأمكن له دفعه بتحمّله لضرر يسير ، وحينئذ فلا بدّ من ملاحظة أقوى الضررين ، فتأمّل.
هذا ، ويمكن تقرير الاستدلال بحديث الرفع على وجه لا ينهض لرفع الضمانات وإن قلنا بعمومه لجميع الآثار ، بأن يقال : إنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «رفع عن أمّتي تسعة أشياء» هو رفع الأحكام التي لو كانت ثابتة كان ثبوتها على وجه الكلفة والمشقّة للمكلّفين ، سواء كانت إلزاميّة من الشارع أم كانت إمضائيّة بعد التزام المكلّف بها ، كما في النذر والعهد وشبههما ، لأنّ هذا هو الظاهر من رفع الامور التسعة في مقام الامتنان على الأمّة. ولا ريب أنّ المسبّبات الشرعيّة المرتّبة على أسبابها ، مثل الضمان المرتّب على إتلاف مال الغير ، والجنابة على التقاء الختانين ، وبطلان العبادات والمعاملات على مبطلاتها ، ونحو ذلك ، ليس ورودها من الشارع على وجه الكلفة والمشقّة للمكلّفين ، إذ لو كان كذلك لزم عدم تأثيرها مع صدورها عن الصبيّ والمجنون ، مع أنّ الإتلاف سبب للضمان مطلقا ، وكذا التقاء الختانين للجنابة كذلك ، وإن كان التكليف بدفع العوض وبالغسل متعلّقا بالصبيّ والمجنون بعد البلوغ والإفاقة. وعلى هذا يدخل في عموم النبويّ جميع الأحكام