وأمّا ورود الصحيحة المتقدّمة عن المحاسن في مورد حقّ الناس ـ أعني العتق والصدقة ـ فرفع أثر الإكراه عن الحالف يوجب فوات نفع على المعتق والفقراء ، لا إضرارا بهم. وكذلك رفع أثر الإكراه عن المكره فيما إذا تعلّق (*) بإضرار مسلم ، من باب عدم وجوب تحمّل الضرر لدفع الضرر عن الغير ولا ينافي الامتنان ، وليس من باب الإضرار على الغير لدفع الضرر عن النفس لينافي ترخيصه الامتنان على العباد ؛ فإنّ الضرر أوّلا وبالذات متوجّه على الغير بمقتضى إرادة المكره ـ بالكسر ـ لا على المكره ـ بالفتح ـ ، فافهم.
بقي في المقام شيء وان لم يكن مربوطا به وهو أنّ النبويّ المذكور مشتمل على ذكر «الطيرة» و «الحسد» و «التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الانسان بشفتيه». وظاهره رفع المؤاخذة على الحسد مع مخالفته لظاهر الأخبار الكثيرة (١١٤٤). ويمكن حمله على ما لم يظهر الحاسد أثره باللسان أو غيره بجعل عدم النطق باللسان قيدا له أيضا.
______________________________________________________
الإلزاميّة والالتزاميّة ، مثل البيوع والمضاربة والأنكحة والطلاق والعهود والنذور والأيمان وغيرها ، فيرتفع جميع الآثار المرتّبة عليها في صورة الخطأ والنسيان مثلا ، ويخرج منه جميع المسبّبات المرتّبة على أسبابها الشرعيّة ، وكذلك المستحبّات والمكروهات والمباحات ، لوضوح عدم ورودها من الشارع على وجه الكلفة على العباد ، فلا يمكن نفيها بعموم النبويّ.
١١٤٤. بل الآيات أيضا ، مثل قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ.) وقوله عزوجل : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ.) ومن الأخبار قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الحسد يأكل الحسنات كما يأكل النار الحطب». وقال عليهالسلام : «قال الله تعالى لموسى بن عمران : لا تحسد الناس على ما آتيتهم من فضلي ، ولا تمدّنّ عينيك إلى
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : الإكرام.