اللهُ) (٢٩). والمراد ب «التفكّر» ابتلاء الأنبياء عليهمالسلام بأهل الوسوسة ، لا غير ذلك ؛ كما حكى الله عن الوليد بن مغيرة : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) (٣٠) ، فافهم. وقد خرجنا في الكلام في النبويّ الشريف عمّا يقتضيه وضع الرسالة.
ومنها : قوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم». فإنّ المحجوب حرمة شرب التتن ، فهي موضوعة عن العباد. وفيه : أنّ الظاهر ممّا حجب الله (١١٤٥) علمه ما لم يبيّنه للعباد ، لا ما بيّنه واختفى عليهم بمعصية من عصى الله في كتمان الحق أو ستره (١١٤٦) ؛ فالرواية مساوقة لما ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : «إنّ الله تعالى حدّ حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض فلا تعصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلّفوها ؛ رحمة من الله لكم» (٣١).
ومنها : قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لم يعلموا» (٣٢). فإنّ كلمة «ما» إمّا موصولة اضيف إليه السعة وإمّا مصدريّة ظرفيّة ، وعلى التقديرين يثبت المطلوب. وفيه : ما تقدّم (١١٤٧) في الآيات من أنّ الأخباريين لا ينكرون عدم وجوب الاحتياط على من لم يعلم بوجوب الاحتياط من العقل والنقل بعد التأمّل والتتبّع.
______________________________________________________
١١٤٥. بقرينة نسبة الحجب إلى نفسه تعالى. وحاصل ما ذكره : أنّ قوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد» يحتمل أن يراد منه معنى : ما لم يبيّنه الله تعالى لهم. ويحتمل أن يراد منه معنى : ما اختفى علمه عليهم لأجل طروّ الحوادث الخارجة. والظاهر بقرينة ما قدّمناه هي إرادة المعنى الأوّل ، وعليه فلا دلالة في الرواية على المدّعى.
١١٤٦. لعلّ المراد بالأوّل إخفاء الحقّ ، وبالثاني تلبيسه بالباطل بعد ظهوره.
١١٤٧. يمكن منع ورود ما تقدّم في الآيات هنا ، بناء على كون كلمة «ما» موصولة ، لأنّ ظاهر الرواية حينئذ عدم كون الناس في ضيق من جهة جهلهم بحكم فعل ، ولا ريب أنّ وجوب الاحتياط في الشبهات ضيق من جهة الجهل بالحكم الواقعي ، فينفى وجوبه بمقتضى الرواية ، فتكون هذه الرواية حينئذ معارضة لأخبار