ومنها : رواية عبد الأعلى (١١٤٨) عن الصادق عليهالسلام : «قال : سألته عمّن لم يعرف شيئا ، هل عليه شيء؟ قال : لا» (٣٣). بناء على أنّ المراد بالشيء الأوّل فرد معيّن مفروض في الخارج حتّى لا يفيد العموم في النفي ، فيكون المراد : هل عليه شيء في خصوص ذلك الشيء المجهول؟ وأمّا بناء على إرادة العموم فظاهره السؤال عن القاصر الذي لا يدرك شيئا.
ومنها صلىاللهعليهوآله : قوله : «أيّما امرئ ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه» (٣٤). وفيه : أنّ الظاهر من الرواية ونظائرها من قولك : «فلان عمل بكذا بجهالة» هو اعتقاد الصواب أو الغفلة عن الواقع ، فلا يعمّ صورة التردّد في كون فعله صوابا أو خطأ. ويؤيّده أنّ تعميم الجهالة لصورة التردّد يحوج الكلام إلى التخصيص بالشاكّ الغير المقصّر (١١٤٩) ، وسياقه يأبى عن التخصيص (١١٥٠) ، فتأمّل (١١٥١).
______________________________________________________
الاحتياط إن تمّت دلالة وسندا.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ هذا إنّما يتمّ على المختار من كون وجوب الاحتياط إرشاديّا من باب وجوب المقدّمة العلميّة ، وأمّا على ما هو ظاهر العلماء من كون وجوبه شرعيّا فيمكن أن يقال : إنّ الجهل بالحكم موضوع من الموضوعات ، والشارع قد جعل حكما ورتّبه عليه ، فليس هذا الحكم ثابتا بعنوان الضيق عند الجهل بالحكم الواقعي ، بل هو كسائر الأحكام الشرعيّة المرتّبة على موضوعاتها الواقعيّة.
١١٤٨. إنّما لم يتعرّض لردّ هذه الرواية لوضوح ضعف دلالتها ، لعدم دلالتها على المدّعى ، سواء اريد بالشيء شيء معيّن أو غير معيّن ، كما هو واضح.
١١٤٩. إذ لا إشكال في ثبوت المؤاخذة على الشاكّ المقصّر.
١١٥٠. لأنّ ظاهر الرواية لأجل بيان منشأ العذر إعطاء قاعدة عقليّة مطّردة في جميع مواردها.
١١٥١. لعلّ الأمر بالتأمّل إشارة إلى عدم المناص من ارتكاب التخصيص ، وإن قلنا بكون المراد بالجهالة اعتقاد الصواب أيضا ، إذ لا ريب في ثبوت المؤاخذة