ظاهريّا (١٠٨٨) ،
______________________________________________________
فيما علّقناه على صدر الكتاب ما يناقش في ذلك.
١٠٨٨. اعلم أنّ الأحكام باعتبار تعلّقها بنفس الموضوعات الواقعيّة وبالموضوعات المشكوك في حكمها تنقسم إلى واقعيّة وظاهريّة ، والأدلّة الدالّة عليها إلى اجتهاديّة وفقاهتيّة.
أمّا الاولى فهي ـ كما يستفاد من عبارة المصنّف رحمهالله ـ الأحكام المقرّرة في نفس الأمر لنفس الموضوعات الواقعيّة من غير مدخليّة للعلم والجهل فيها ، بمعنى تغيّرها وتبدّلها بعلم المكلّف وجهله بها ، إذ لو كان لهما مدخل فيها لزم التصويب في الأحكام الأوّلية ، لدورانها حينئذ وجودا وعدما مدار العلم والجهل.
نعم ، قد يكون لهما مدخل في موضوع هذه الأحكام ، بمعنى كونهما جزءا من موضوعاتها من دون أن يلزم منه تصويب باطل ، بأن يجعل الشارع الحرمة والنجاسة مرتّبتين على الخمر المعلومة الخمريّة ، ومقتضاه كونها مباحة وطاهرة في حقّ الجاهل بها. ومن هذا القبيل جواز الشهادة ، بناء على كون علم الشاهد بالواقعة جزءا من موضوع هذا الحكم.
وهذه الأحكام على قسمين ، اختياري : وهي الأحكام التي جعلها الشارع للمختار ، كوجوب الإتيان بالصلاة قائما ، وتسمّى بالأحكام الواقعيّة الاختياريّة. واضطراري : وهي الأحكام التي جعلها الشارع للمضطرّ ، مثل وجوب الإتيان بالصلاة قاعدا أو مضطجعا ، وتسمّى بالأحكام الواقعيّة الاضطراريّة. ومن لوازم هذه الأحكام عدم تنجّزها إلّا مع العلم بها. ومع العلم بها لا يجوز للشارع الحكم بخلافها إذا حصل العلم بها تفصيلا ، لوضوح المنافاة بينهما. وأمّا مع العلم بها إجمالا ففيه وجه للجواز ، لعدم امتناع أن يأمر الشارع ببدل الواقع ، بمعنى أن يقنع ببعض محتملات الواقع في مقام امتثاله ، بأن جعله بدلا عن الواقع ، كما في الشبهة المحصورة على القول بعدم وجوب الموافقة القطعيّة وحرمة المخالفة القطعيّة.